كنسبة المعلول إلى العلّة ، فلا بدّ من تقدّم الموضوع لأنّه بمرتبة العلّة ومن تأخّر الحكم لأنّه بمرتبة المعلول ، فإذا فرض أنّ الحكم متقدّم يستحيل تأخّره عن الموضوع المتأخّر عنه.
الجهة الثانية : أنّ الجعل الشرعي إنّما يثبت إذا كان المجعول حكما أو موضوعا ذا حكم مع قطع النظر عن دليل الجعل ، وإخبار الكليني بقول محمّد بن عيسى ليس حكما شرعيّا ولا موضوعا ذا حكم شرعي مع قطع النظر عن دليل الجعل ، نعم هو موضوع لوجوب التصديق إلّا أنّ وجوب التصديق من دليل الجعل لا مع قطع النظر عنه ، وحينئذ فلا يمكن الجعل للحجّية للإخبار مع الواسطة أصلا ، فينحصر كلّ دليل دلّ على حجّية الخبر الواحد في الأخبار لا مع الواسطة ، لعدم إمكان الجعل للإخبار مع الواسطة.
وهذا الإيراد وسابقه ليس من مختصات آية النبأ بل يرد على كل دليل زعم دلالته على حجّية خبر الواحد (*).
__________________
(*) شرح المقرّر قدسسره في ورقة مفردة هذا الإشكال في حجّية خبر الواحد مع الواسطة والجواب عليه ببيان آخر وما يلي نصّه : وربّما أشكل في استفادة حجّية خبر الواحد إذا كان مع الواسطة بأن معنى الحجّية أن يكون للخبر الأول لنا أثر مع قطع النظر عن دليل حجّية الخبر ، ولا ريب أنّ خبر الكليني عن محمد بن الحسن الصفار لا أثر له مع قطع النظر عن حجية خبر الواحد ، نعم له أثر بملاحظة حجّية خبر الواحد فيلزم حينئذ أن يكون دليل الحجّية متوقفا على نفسه. وهذا الأثر لا يخص مفهوم آية النبأ وإنّما هو عام لكل دليل دال على حجّية خبر الواحد من آية أو رواية أو غيرهما.
والجواب امّا على ما اخترناه في جعل الأمارات من أنّ المجعول هو تتميم الكشف فواضح ، إذ بعد فرض أنّ دليل الحجية معناه إعطاء صفة الطريقية وتتميم الكشف فأثر خبر الكليني حينئذ جعله علما ، فكأني قد أخبرني محمد بن الحسن الصفار شفاها وهو كاف في ـ ترتيب الأثر على قول المعصوم عليهالسلام وبالجملة فالوسائط حينئذ علوم طولية وأثرها الأخير هو نفس قول المعصوم عليهالسلام وثبوته وتحقّقه ، وأمّا بناء على أنّ مفاد دليل الحجّية جعل الحكم المماثل ولو جعلا ظاهريا لئلّا يلزم التصويب فواضح بعد مقدّمتين ، إحداهما : أن يكون الحكم المماثل المجعول أعم من كونه ظاهريا وواقعيا ، الثانية : أن يلتزم بكون دليل الحجّية مجعولا بنحو الانحلال فينحل إلى كل فرد فرد من أفراد الخبر مثلا ، وحينئذ فخبر الكليني حينئذ له حكم مماثل حينئذ ظاهري وهو وجوب التصديق ولخبر محمد بن الحسن الصفار حكم مماثل واقعي وهو وجوب السورة في الصلاة مثلا ، وأما بناء على أنّ المجعول هو التنجيز والإعذار فإخبار بن الحسن الصفار حكم منجز بوجوب السورة مثلا قد تنجز على الكليني قدسسره والكليني ينقل هذا الحكم المنجز وحينئذ فقد نقل لنا حكما منجزا فيتنجّز علينا حكمه وحينئذ فيكون علينا منجزا ولو نقلناه نحن لنقلنا أيضا حكما منجزا وهو واضح بحسب الظاهر.