والجواب : أنّ ما ذكرتموه وارد حتّى إذا قلنا بمفهوم الشرط ، إذ معنى الآية حينئذ : إن كان الجائي فاسقا فتبيّن ، فمفهومه : إن لم يكن الجائي فاسقا فلا تتبيّن ، فهو شامل لما إذا كان المخبر لا فاسقا ولا عادلا بناء على القول بثبوت الواسطة. والجواب في الجميع أنّ هذه الآية توجب التبيّن حيث يكون المخبر فاسقا ، فإذا انتفى كون المخبر فاسقا انتفى وجوب التبيّن ، إلّا أنّ عندنا أخبار دلّت على لزوم العدالة أو الوثاقة فتكون مقيّدة للمفهوم حينئذ ، على أنّ منطوق ذيل الآية يكفى في خروج ما لا وثوق به من الأخبار المذكورة لأنّه به تتحقّق إصابة قوم بجهالة.
فقد ظهر أنّ استدلال الشيخ سالم عن هذه الإيرادات المذكورة ، لكن يبقى شيء هو أنّ ما ذكره الشيخ لا يخرج عن كونه استدلالا بمفهوم الوصف ، وأنّ استدلاله أحد طرق الاستدلال بمفهوم الوصف من أنّه لو لم يكن في الوصف مدخليّة في الحكم لعرى تعليقه عليه عن الفائدة. ومن الممكن أن تكون الفائدة في المقام التنبيه على فسق الوليد ، وحينئذ فالوصف لا مفهوم له. وفرق واضح بين ذكر العلّة فيلزم أن تكون بأمر ذاتي عند اجتماعه بالأمر العرضي ، وبين ذكر الموضوع ، فإنّ إثبات الحكم لموضوع لا يستلزم النفي عمّا عداه ، فافهم.
الثالث : مفهوم الشرط وتقريبه : أنّ الحكم ـ وهو وجوب التبيّن ـ قيّد بكون المخبر فاسقا فينتفي عند إخبار العادل بالخبر.
وقد اورد على دلالة هذه الآية تارة من ناحية المقتضي ، واخرى من ناحية المانع.
أمّا من جهة المقتضي فقد اورد عليه بأنّ الشرط في المقام من الشروط الّتي سيقت لتحقّق الموضوع نظير «إن رزقت ولدا فاختنه» فإنّ لم يأت الفاسق بالنبإ فلا نبأ حتّى يجب تبيّنه أو لا يجب ، كما أنّه لو لم يرزق ولدا فلا موضوع حتّى يختنه.
وقد أجاب الآخوند قدسسره بأنّ الموضوع في المقام هو النبأ والشرط هو مجيء الفاسق به ، وليس الموضوع مجيء الفاسق بالنبإ حتّى يكون محقّقا للموضوع.