وفي ذلك يقول السيد الحميري في قصيدته المعروفة بالمذهّبة :
حتّى اذا قصدوا لباب مغارة |
|
الفوا عليه نسيج غزل العنكب |
صنع الاله له ، فقال فريقهم : |
|
ما في المغار لطالب من مطلب |
ميلوا. وصدّهم المليك ، ومن يرد |
|
عنه الدفاع مليكه ، لم يعطب (١) |
وأمهل علي عليهالسلام حتّى اذا أعتم في الليلة القابلة فانطلق هو وهند بن أبي هالة حتّى دخلا على رسول الله في الغار ، فأمر رسول الله هندا أن يبتاع له ولصاحبه بعيرين ، فقال أبو بكر : قد كنت أعددت لي ولك ـ يا نبيّ الله ـ راحلتين نرتحلهما الى يثرب. فقال صلىاللهعليهوآله : اني لا آخذها ولا احداهما الّا بالثمن. فقال : فهي لك بذلك. فأمر صلىاللهعليهوآله عليا عليهالسلام فأقبضه الثمن (٢) ثمّ وصّاه بحفظ ذمّته وأداء أمانته.
وكانت قريش في الجاهلية تدعو محمّدا : الأمين ، فكانت تستودعه وتستحفظه أموالها وأمتعتها ، وكذلك من يقدم مكّة من العرب في الموسم ، وجاءته النبوة والرسالة والأمر كذلك. فأمر عليا عليهالسلام أن يقيم صارخا يهتف بالابطح غدوة وعشيّا : من كان له قبل محمّد أمانة أو وديعة فليأت فلنؤدّ إليه أمانته. ثمّ قال له : انّهم لن يصلوا إليك من الآن ـ يا عليّ ـ بأمر تكرهه حتّى تقدم عليّ ، فأدّ أمانتي على أعين الناس ظاهرا.
ثمّ إني مستخلفك على ابنتي فاطمة ، ومستخلف ربّي عليكما ومستحفظه فيكما.
ثمّ أمره أن يبتاع رواحل له وللفواطم ومن أزمع للهجرة من بني هاشم وقال له : فاذا قضيت ما أمرتك من أمر فكن على اهبة الهجرة الى الله ورسوله ،
__________________
(١) إعلام الورى : ٢٥.
(٢) وقال بمعناه ابن اسحاق ، كما في ابن اسحاق في السيرة٢ : ١٣١.