وابن جرير وابن المنذر وابن مردويه وابن أبي حاتم وسعيد بن منصور عن ابن عبّاس. وعلى هذا فتكون الرواية عن ابن عبّاس على صورتين : الاولى عنه عن علي عليهالسلام في يوم الدار والدعوة ، والثانية هذه الموقوفة عليه من دون اسناد عن أبيه العبّاس أو علي عليهالسلام ، فالاولى هي الأولى بالقبول سندا وموافقة للكتاب ، والثانية مقطوعة مخالفة لظاهر الآية : «الأقربين» فهي هراء.
وأظهر منها هراء ما في «الدر المنثور» أيضا عن أحمد والبخاري ومسلم والترمذي وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه والبيهقي في «شعب الإيمان» وفي «الدلائل» عن أبي هريرة قال : لمّا نزلت هذه الآية (وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ) دعا رسول الله قريشا وعمّ وخصّ فقال : يا معشر قريش أنقذوا أنفسكم من النار فإنّي لا أملك لكم ضرا ولا نفعا. يا معشر بني كعب بن لؤي ... يا معشر بني قصي ... يا معشر بني عبد مناف ... يا بني عبد المطّلب ... ـ في كلّها يقول : أنقذوا أنفسكم من النار فإنّي لا أملك لكم ضرّا ولا نفعا ـ وفي آخر الخبر : يا فاطمة بنت محمّد انقذي نفسك من النار فإنّي لا أملك لك ضرّا ولا نفعا ، الّا أنّ لكم رحما وسابلّها ببلالها!
فهذه الرواية أبعد ما تكون من الآية حيث تقول : إنّه صلىاللهعليهوآله جعل يدعو قريشا قبيلة قبيلة ، فكأن أبا هريرة يعمّم الإنذار قريشا عامة ، بينما الآية تصرّح بالعشيرة الأقربين ، وهم إمّا بنو عبد المطّلب أو بنو هاشم.
وكأنّ أبا هريرة ـ أو من أجرى هذا الهراء على لسانه ـ كان ناظرا الى هذا الإشكال بالخلاف بين عمل الرسول بالتعميم ومفاد الآية بالتخصيص ، فقال : «وعمّ وخصّ» وهو لا يرفع الإشكال. ثمّ كيف دعاهم فجمعهم فأنذرهم بهذا؟ وكيف جمع معهم ابنته فاطمة وكم كان عمرها يومئذ؟ واين كان أبو هريرة يوم نزول الآية وقد أسلم قبل وفاة النبيّ ببضع سنين والخبر مقطوع عليه. فهو مردود.