فقالت قريش : لا طاقة لنا اليوم بقتال هؤلاء القوم ، وخرجوا الى رءوس الجبال ، ولم يبق بمكّة غير عبد المطّلب بن هاشم ، وأخذ بعضادتي الباب يقول :
لا همّ انّ المرء يمنع رحله فامنع حلالك (١) |
|
لا يغلبوا بصليبهم ومحالهم عدوا محالك (٢) |
أن يدخلوا البيت الحرام إذا فأمر ما بدا لك (٣) |
وروى الشيخ المفيد في (الأمالي) بسنده عن الصادق عليهالسلام عن أبيه عن جدّه قال : لمّا قصد ابرهة بن الصباح ملك الحبشة مكّة لهدم البيت تسرعت الحبشة فأغاروا عليها وأخذوا سرحا لعبد المطلب بن هاشم ، فجاء عبد المطلب الى الملك فاستأذن عليه فأذن له ، وهو في قبة ديباج على سرير له ، فسلم عليه فردّ أبرهة السلام وجعل ينظر في وجهه فراقه حسنه وجماله وهيئته ، فقال له : هل كان في آبائك هذا النور والجمال الّذي أراه لك؟ قال : نعم أيّها الملك كلّ آبائي كان لهم هذا النور والجمال والبهاء! فقال له ابرهة : لقد فقتم الملوك فخرا وشرفا ويحق أن تكون سيد قومك! ثمّ أجلسه معه على سريره ...
ثمّ قال لعبد المطلب : فيم جئت؟ فقد بلغني سخاؤك وكرمك وفضلك ، ورأيت من هيئتك وجمالك وجلالك ما يقتضي ان انظر في حاجتك ، فسلني ما شئت.
__________________
(١) الحلال بالكسر جمع الحلة : القوم النزول فيهم كثرة.
(٢) المحال بالكسر : القوة والشدة.
(٣) مجمع البيان ١٠ : ٥٤٠ ـ ٥٤٢ باختصار وفي ابن اسحاق في السيرة: إن كنت تاركهم وقبلتنا فامر ما بدا لك. وقد روى الكليني بسنده عن الصادق عليهالسلام قال : يبعث عبد المطلب امة وحده عليه بهاء الملوك وسيماء الأنبياء ، وذلك أنّه أوّل من قال بالبداء ، وذلك .. انّه أخذ بحلقة باب الكعبة وجعل يقول : يا ربّ إنّ نهلك فامر ما بدا لك. (اصول الكافي ١ : ٤٤٧).