أنّ الأمر بالصلاة يتقدّم فتصحّ الصلاة ولا يكون الغصب حينئذ حراما ، وإن كان مفسدة الغصب أهمّ من مصلحة الصلاة فلا ريب في جواز ترك الصلاة. إلّا أنّه لو غصب فصلّى فهل يحكم بصحّة صلاته أم لا؟ الظاهر هو الحكم بصحّة صلاته بناء على الترتّب ، غاية الأمر أنّ الترتّب المصطلح بين عصيان أمر وتوجّه أمر آخر ، وهنا بين عصيان نهي وتوجّه أمر آخر ولا إشكال في صحّته بناء على الترتّب. وقد زعم الميرزا النائيني قدسسره (١) عدم صحّته حتّى على الترتّب ، لزعمه أنّ وجودهما واحد فلا يكون الفعل قابلا لأن يتقرّب به إلى المولى مع كون وجوده ووجود المبغوض واحدا ؛ لاكتسابه القبح الفاعلي حيث يكون صدوره بنحو مبغوض للمولى لوحدة الإيجاد.
والجواب : أنّ مبنى الجواز كما هو محلّ الفرض كون العمل وجودين منضمّين ، وكونهما وجودين يقتضي أنّ هناك إيجادين ، لما تقدّم مرارا من أنّ التغاير بين الوجود والإيجاد اعتباري وبالنسبة ، وإذا كان هناك إيجادان فمحبوبيّة أحدهما موجبة لجواز التقرّب به ومحقّقة لقابليّته لذلك ، هذا كلّه مع عدم المندوحة.
وأمّا إذا كانت هناك مندوحة فالأمر أوضح ؛ وذلك لأنّا حيث سلكنا تبعا للمحقّق الثاني قدسسره (٢) بكفاية مقدوريّة الطبيعة لجواز الأمر بالطبيعة المطلقة ، فحيث يؤتى بالفرد المجامع للمحرّم يكون الانطباق قهريّا ، ويكون السقوط عقليّا فتكون الصلاة صحيحة من غير حاجة إلى الترتّب ، وإن لم نقل بمقالة المحقّق الثاني قدسسره كما ذهب إليه الميرزا النائيني قدسسره (٣) فالصحّة للصلاة تكون مبتنية على الترتّب.
__________________
(١) انظر أجود التقريرات ٣ : ٤٨ ، وفوائد الاصول ١ و ٢ : ٣٩٢.
(٢) جامع المقاصد ٥ : ١٣ ـ ١٤.
(٣) انظر أجود التقريرات ٢ : ١٧٨ ـ ١٧٩.