وأمّا كونها مسألة اصوليّة فلأنّ الميزان في كون المسألة اصوليّة وقوع نتيجتها في طريق استنباط الحكم الشرعي ، أو كبرى لو ضمّ إليها صغراها لأنتجت حكما شرعيّا ، وهذا بعينه موجود في المقام ، فإنّا لو قلنا بجواز الاجتماع فهو ينتج صحّة الصلاة ، وكونها على الامتناع لا يقع في طريق استنباط الحكم ، وإنّما تدخل في المتعارضين فيثبت لها حكمهما لا يخرجها عن كونها مسألة اصوليّة ؛ لأنّ وقوع أحد طرفي المسألة وبعض تقاديرها في طريق الاستنباط كاف في عدّها مسألة اصوليّة ، فحجّية الخبر مثلا الدالّ على وجوب السورة مسألة اصوليّة مع عدم ترتّب الوقوع في طريق الاستنباط لو قلنا بعدم حجّيته ، نعم يكون المورد من موارد عدم البيان فيكون صغرى لقاعدة البراءة العقليّة لقبح العقاب بلا بيان.
وبالجملة ، وقوع بعض تقادير المسألة في طريق الاستنباط كاف في عدّها اصوليّة ، وإلّا لم تبق عندنا مسألة اصوليّة أصلا.
الأمر الثالث : ذكر الآخوند قدسسره (١) اطّراد الكلام فيما إذا كان النهي غيريّا تخييريّا كفائيّا ؛ وأنّه لا يختصّ فيما إذا كان النهي نفسيّا تعيينيّا عينيّا ، إلّا أنّ الكلام في إمكان تصوير نهي كفائي أو تخييري ، نعم يمكن أن يكون النهي غيريّا حيث يقع مقدّمة وعلّة تامّة لمحرّم ، إلّا أنّ تصوير كونه تخييريّا في غاية الإشكال.
وما ذكره الآخوند قدسسره في التمثيل لا يجدي ؛ لكونه من قبيل تحريم المجموع من حيث المجموع لا من قبيل النهي التخييري ، كما في النهي عن صوم يوم العيد فهو يؤول إلى كون صوم مجموع اليوم محرّما فله أن يترك الصوم كلّية وأن يصوم إلى الظهر ثمّ يفطر أو إلى العصر ثمّ يفطر.
ومن هنا يظهر الإشكال في تصوير النهي الكفائي أيضا ؛ لأنّه يؤول إلى تحقّق المفسدة بفعل جميع المكلّفين بحيث لا مفسدة بفعل البعض كلّية ، فالفرد الأوّل حيث يفعل ذلك المنهيّ عنه لم يرتكب محرّما أصلا.
__________________
(١) كفاية الاصول : ١٨٦.