جريان الترتّب في المقام ؛ لأنّه إمّا أن يكون وجوب صرفه في رفع الضرر مشروطا بعصيان الأمر الثاني بعد ذلك ، وهو الشرط المتأخّر وقد بنى قدسسره على استحالة الشرط المتأخّر ؛ لأنّ الشرط لا بدّ أن يكون جزءا للموضوع ، ويستحيل فعليّة الحكم قبل وجود موضوعه.
أو يكون مشروطا بالتعقّب بتركه وهو الشرط المقارن ، وهو وإن كان ممكنا إلّا أنّه محتاج إلى دليل يدلّ على هذا الاشتراط ، مضافا إلى أنّ اشتراط المهمّ بترك الأهمّ في الدفعيين إنّما كان لتحقيق القدرة ، وليس للعصيان المتأخّر ولا للتعقّب المقارن مدخليّة في تحقيق القدرة في المقام.
أو يكون مشروطا بالعزم على العصيان وهو مستلزم لطلب الجمع بين الضدّين على ما أفاد قدسسره.
أو يكون مشروطا بعصيان خطاب حفظ القدرة وهو غير معقول ؛ لأنّ عصيانه إمّا بصرف الماء في المهمّ وهو لا يعقل كونه شرطا لوجوب المهمّ للزوم طلب الحاصل ، وإمّا بصرف الماء في غيره بإراقته مثلا ، ويستحيل أن يكون شرطا للزوم تكليف المحال حينئذ ؛ إذ بعد صرف الماء في غيره كيف يعقل صرف ذلك الماء فيه أيضا؟ فلا يعقل الترتّب في ذلك.
أقول : إنّا نختار الشق الثاني وهو التعقّب. ودعوى عدم الدليل في مقام الإثبات فنقول : إنّ إمكانه كاف في وقوعه ؛ ضرورة أنّ الأمر بصرف الماء لدفع الضرر مطلق ، وحيث إنّ بقاء إطلاقه مع لزوم حفظ القدرة على رفع الموت عطشا عن زيد مستحيل فيقتصر على رفع ما يرتفع به الاستحالة وهو رفع إطلاقه ؛ لأنّ الضرورة تقدّر بقدرها ، ولا مقتضي لرفع اليد عن أصل الخطاب مع ارتفاع الاستحالة برفع الإطلاق ، وحينئذ فإمكانه مساوق لوقوعه ؛ لجريان ملاك الترتّب الدفعي فيه عينا ، ولا ريب أنّ اعتبار العصيان إنّما كان في الترتّب السابق ؛ لصحّة توجّه الأمر به