وفيه أوّلا : أنّ هذا لا يلائم مذاق الآخوند ؛ إذ بناء عليه يكون الوضع عامّا والموضوع له خاصّ ومدّعاه عمومهما.
وثانيا : أنّ هذا يرد عليه ما أورده الآخوند قدسسره من عدم الانطباق على ما في الخارج ؛ لأنّ التقييد باللحاظ الآلي والاستقلالي للمعنى يوجب أن لا يكون له وجود خارجي.
وثالثا : أنّ هذا يوجب أن تكون جميع الكلّيات موضوعة وضع الحروف إذا كانت متحصّصة بالحصص.
فالأولى أن يكون مراد الآخوند من عبارته ـ كما يظهر ذلك من عبارته في المشتق عند تعرّضه للمعنى الحرفي ـ الثالث ، وهو : أنّ الواضع لمّا كان وضعه بيده فقد يضع اللفظ ويتعهّد أنّه متى أراد المعنى الفلاني أطلق هذا اللفظ بأيّ نحو أريد ذلك المعنى ، وقد يضع اللفظ لهذا المعنى ويجعل العلقة الوضعيّة في صورة خاصّة لا على الإطلاق ، مثلا يتعهّد أنّه متى أطلق لفظ زيد في الليل فهو يريد زيد بن عمرو ، ومتى أطلقه في النهار فهو يريد زيد بن بكر ، فكذا هنا يضع اللفظ للابتداء الغير الملحوظ فيه الآليّة والاستقلاليّة أصلا ، ويشترط بمعنى أنّه يجعل العلقة الوضعيّة بين لفظ الابتداء ومعناه عند إرادة استعماله مستقلّا ، وبين لفظ «من» والابتداء الذي هو المعنى الكلّي عند استعماله آلة ، وحينئذ فلا يكون استعمال أحدهما في محلّ الآخر صحيحا لفقده العلقة الوضعيّة بين اللفظ والمعنى ، فهو وإن كان مستعملا فيما وضع له إلّا أنّه بغير ما وضع له.
ومن هنا ظهر أنّ إيراد الميرزا قدسسره (١) بأنّ خلوّ المعنى عن كونه مستقلّا وغير مستقلّ نفي للضدّين ليس كما ينبغي ؛ إذ المعنى واحد والمنفيّ ليس استقلال المعنى
__________________
(١) أجود التقريرات ١ : ٢٣.