فصل في الفرق بين البداء والنّسخ والتّخصيص
اعلم أنّ
البداء في وضع اللّغة هو الظّهور ، وإنّما يقال : « بدا لفلان في كذا » إذا ظهر له
من علم أو ظنّ ما لم يكن ظاهرا .
وللبداء شرائط
، وهي أربعة : أن يكون الفعل المأمور به واحدا ، والمكلّف واحدا ، والوجه كذلك ،
والوقت كذلك ، فما اختصّ بهذه الوجوه الأربعة من أمر بعد نهى ، أو نهى بعد أمر ،
اقتضى البداء.
وإنّما قلنا :
إنّ ذلك يدلّ على البداء ، لأنّه لا وجه له إلاّ تغيّر حال المكلّف في العلم
أو الظّنّ ، لأنّه لو كانت حاله على ما كانت عليه ، لما أمر بنفس ما نهى عنه ، أو نهى عن نفس ما أمر به مع باقي الشّرائط
، وكان أبو هاشم يمنع في الله تعالى أن يأمر بما نهى عنه مع باقي الشّرائط لوجهين
: أحدهما أنّه دلالة البداء ، والآخر أنّه يقتضى إضافة قبيح إليه تعالى إمّا الأمر أو النّهى ، وهو
__________________