فإن قيل : وجه حسن الاستفهام في ألفاظ (١) العموم تجويز المخاطب أن يريد مخاطبه الخصوص على وجه (٢) المجاز.
قلنا : هذا يقتضى حسن الاستفهام في كلّ خطاب ، وعن كلّ حقيقة ، لأنّ هذه العلّة موجودة ، وقد علمنا اختصاص حسن الاستفهام بموضع دون غيره ، فعلمنا أنّ علّته خاصّة غير عامّة.
وبعد ، فإنّ المخاطب إذا كان حكيما ، وخاطب بالمجاز ، فلا بدّ من أن يدلّ من يخاطبه على أنّه عادل عن الحقيقة ، وهذان الوجهان يسقطان قولهم. أنّ وجه حسن الاستفهام أنّ السّامع يجوّز أن يكون مخاطبه أراد المجاز ، ودلّ عليه بدلالة خفيت على (٣) السّامع.
فإن قيل : ما أنكرتم أن يكون الاستفهام إنّما يحسن مع اقتران اللّفظ ، لا مع إطلاقه.
قلنا : اللّفظ الوارد لا يخلو من أقسام ثلاثة : إمّا أن يرد مطلقا ، أو مقترنا بما يقتضى العموم ، أو يقترن بما يقتضى الخصوص ، ومع الوجهين الآخرين لا يحسن الاستفهام ، لحصول العلم بعموم أو خصوص ، فثبت أنّه إنّما يحسن مع الإطلاق.
فإن قيل : الاستفهام يحسن على أحد وجهين : إمّا أن يكون
__________________
(١) الف : الفاض.
(٢) ب وج : جهة.
(٣) ب وج : عن.