حتى هذا اليوم ، يرتحل اليها رواد العلوم والمعارف من كلّ الأقطار ، فيرتوون من مناهلها العذبة وعيونها الصافية.
ثمّ إنّ مكانة الطوسي وثروته العلمية الغزيرة في غنى عن البيان ، فانّه شيخ الطائفة ، وشيخ كافة مجتهدي المسلمين ، والقدوة لجميع المؤسسين ، وفي الطليعة من فقهاء الشيعة ، فقد أسّس طريقة الاجتهاد المطلق في الفقه والأصول ، وينتهي إليه أمر الاستنباط على الطريقة الجعفرية المثلى ، ولأجل ذلك اشتهر ب «الشيخ» فهو المراد به اذا أطلق في كلمات الأصحاب ، من عصره الى عصر زعيم الشيعة بوقته مالك أزمة التحقيق والتدقيق الحجة الكبرى المؤسس الكبير الشيخ «مرتضى الأنصاري» المتوفى سنة (١٢٨١).
أهميّة نظريات الطوسي :
مضت على علماء الشيعة سنون متطاولة وأجيال متعاقبة ولم يكن من الهيّن على أحد منهم أن يعدو نظريات الطوسي في الفتاوى ، وكانوا يعدون أحاديثه أصلا مسلما ، ويكتفون بها ، ويعدّون التأليف في قبالها واصدار الفتوى مع وجودها تجاسرا عليه واهانة له ، واستمرّ هذا الوضع الى عصر ابن ادريس فكان يسمّيهم بالمقلدة ، وهو أوّل من خالف بعض آراء الطوسي وفتاواه وفتح باب الردّ على نظرياته ، ومع ذلك فقد بقوا على تلك الحال.
قال الشيخ أسد الله الدزفولي في المقابس :
انّ كثيرا ما يذكر مثل المحقق ، والعلامة الحلي أو غيرهما فتاويه من دون نسبتها اليه ، ثمّ يذكرون ما يقتضي التردد أو المخالفة فيها فيتوهم التنافي بين الكلامين.
ولمّا ألف المحقق الحلّي «شرائع الاسلام» استعاضوا به عن مؤلفات الطوسي ، وأصبح من الكتب الدراسية ، بعد أن كان كتاب «النهاية» هو المحور للدرس والبحث والشرح.
قال العلامة الحلّي في شأن الطوسي :
شيخ الامامية ووجههم ، ورئيس الطائفة ، جليل القدر ، عظيم المنزلة ، ثقة ، عين ،