الذى يوحى بإذنه ما يشاء ، كما فرق بين ذلك وبين المتكلم في قوله تعالى : (إِنَّا أَوْحَيْنا إِلَيْكَ كَما
أَوْحَيْنا إِلى نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِنْ بَعْدِهِ) إلى قوله تعالى (وَكَلَّمَ اللهُ
مُوسى تَكْلِيماً) [النساء : ١٦٣ ـ ١٦٤] ففرق بين الإيحاء العام المشترك بين الأنبياء وبين
تكليمه موسى ، كما فرق بين الإيحاء وبين إرسال رسول يوحى بإذنه ما يشاء . هذه مراتب الوحى الخاص الذى لا يكون لغير الأنبياء ،
وذكر الإمام ابن القيم فى مدارج السالكين مراتب أخرى دون الوحى الخاص هى مرتبة
التحديث أو الإلهام .
نخلص مما سبق
إلى أن النبوة «ليست صفة راجعة إلى النبى ولا درجة يبلغ إليها أحد بعلمه وكسبه ولا
استعدادا نفسيا يستحق به اتصالا بالروحانيات ، بل رحمة من الله يمن بها على من
يشاء ..» .
كيف كان يأتى
الوحى؟ :
لا شك في تلقى
الملك من الله تعالى ثم تلقى النبى منه ، أما «صفة تلقى الملك من الله فلا نعلمها
لأنها من الغيب ولا صفة تلقى النبى من جبريل لأنه من شأن النبوة» .
أما عن كيفية
مجىء الوحى ، فيقول الرسول «صلىاللهعليهوسلم» : «أحيانا يأتينى مثل صلصلة الجرس ، وهو أشده على
فيفصم عنى وقد وعيت ما قال ، وأحيانا يتمثل لى الملك رجلا فيكلمنى فأعي ما يقول» .
ذهب العلماء في
طرق التنزيل مذهبين :
الأول : يقول
بانخلاع «النبى من صورة البشرية إلى صورة الملكية وأخذه من جبريل» لأن النبى إذا «شارك الناس في البشرية والإنسانية من
حيث الصورة باينهم من حيث المعنى ، إذ بشريته فوق بشرية الناس لاستعداد بشريته
لقبول الوحى : (قُلْ
__________________