قائمة الکتاب

إعدادات

في هذا القسم، يمكنك تغيير طريقة عرض الكتاب
بسم الله الرحمن الرحيم

الوحي القرآني في المنظور الاستشراقي ونقده

الوحي القرآني في المنظور الاستشراقي ونقده

الوحي القرآني في المنظور الاستشراقي ونقده

تحمیل

الوحي القرآني في المنظور الاستشراقي ونقده

36/188
*

البناء النظرى للظاهرة الفكرية الناشئة من تحول الوحى إلى حضارة ليست ظاهرة مركبة تركيبا صناعيا من عناصر ووقائع مادية أنشأتها عوامل تاريخية ، فالظاهرة الفكرية هنا امتداد للنص الدينى (١).

وقد عارض المستشرق السويدى «تور أندريه TorAndrac» صاحب كتاب (محمد حياته وعقيدته) هذا المنهج العقيم الذى سلكه بعض المستشرقين في البحث ، مبينا أن جوهر النبوة ، لا يمكن تحليله إلى مجموعة من آلاف العناصر الجزئية ، ويرى أن مهمة الباحث : أن يدرك في نظرة موضوعية كيف تتألف من العناصر والمؤثرات المختلفة وحدة جديدة أصيلة تنبض بالحياة (٢).

ومنهج تفتيت الظواهر إلى جزيئات لا يمكن أن تكون منهجا عاما متفقا عليه ، لأنه نابع من عقلية الباحث الغربى ومزاجه وثقافته وبيئته وطبيعة الدين الذى نشأ فيه. ومن هنا يتضح خطأ المستشرق حين يطبق هذا المنهج ـ الإقليمى أو المحلى ـ على الظاهرة الدينية الإسلامية.

أما المسيحية ، فطبقا لها يمكن تقسيم الظاهرة إلى عوامل دينية وأخرى غير دينية ، وذلك لأن الدين المسيحى لا ينظم إلا الجانب الروحى ، أما الجوانب المادية التى تتضمن ، عوامل سياسية واقتصادية واجتماعية فلا شأن للدين بها.

ومن أخطاء المستشرقين ـ أيضا ـ فى تطبيق هذا المنهج على النبوة والوحى ، والقرآن والسيرة ... :

١ ـ أنه قد يلجأ إليه عامدا للقضاء على الطابع الكلى الشامل وهو أهم ما يميز الحضارة الإسلامية التى قامت ـ أيضا ـ على وحى كلى شامل.

٢ ـ قد يلجأ إليه بطريقة لا شعورية ، عن رغبة دفينة في الهدم والقضاء على الظاهرة.

٣ ـ قد يلجأ إليه حتى يمكن رد كل جزء إلى أجزاء شبيهه في حضارات معاصرة ، ومن ثم يكون التحليل مقدمة لإثبات الأثر الخارجى وتفريغ الظاهرة ـ الوحى والنبوة ـ من مضمونها الأصيل.

وأخيرا فإن نظرة المستشرقين إلى هذا المنهج ـ نتاج الفكر الاستشراقى الغربى على أنه منهج عام وشامل ، يمكن تطبيقه على أى دراسة إنسانية ، كدراساتهم للإسلام ،

__________________

١ ـ د. حسن حنفى : السابق ص ٩٧.

٢ ـ محمد كامل عياد : مجلة مجمع اللغة العربية بدمشق ج ٤ ص ٧٩٧ ، ١٩٦٩ م.