وفي مجال تفنيد
هذه المزاعم والافتراءات نختار اثنين من المستشرقين بسبب آرائهما حول الموضوع وليس
بسبب آرائهما في أى موضوع آخر.
يقول «مارسيل
بوازار» : «.. لقد كان محمد «صلىاللهعليهوسلم» نبيا لا مصلحا اجتماعيا ، وأحدثت رسالته في المجتمع
العربى القائم آنذاك تغييرات أساسية ما تزال آثارها ماثلة فى المجتمع الإسلامى
المعاصر» .
ثم يستطرد مارسيل
قائلا : «مما لا ريب فيه أن محمدا «صلىاللهعليهوسلم» قد اعتبر ، بل كان في الواقع ، ثائرا في النطاق الذى
كان فيه كل نبى ثائرا بوصفه نبيا ، أى بمحاولته تغيير المحيط الذى يعيش فيه» .
أما زعم «واط»
أن محمدا «صلىاللهعليهوسلم» ما اعتزل الناس في غار حراء إلا تكفيرا عن بعض خطاياه
، أو هروبا من حر مكة ، كما صرح في موضع آخر ، فإن هذا مدفوع بما قدمناه من حقائق
، وأيضا بما يقوله المستشرق «هنرى دى فاسترى» الذى علل عزلة الرسول بالهروب (من
عبادة الأوثان ومذهب تعدد الآلهة الذى ابتدعه المسيحيون ، وكان بعضهما متمكنا من
قلبه وكان وجود هذين المذهبين أشبه بإبرة فى جسمه «صلىاللهعليهوسلم») .
مونتجمرى واط
يكشف عن هدفه ، فيقول عن كيفية من كيفيات الوحى فى الفترة المكية : «ولا شك أننا
أمام تعبير داخلى من النوع الفكرى أكثر منه من النوع الخيالى ، ولربما لم يصحب ذلك
أية رؤية حتى ولو كانت فكرية» .
ثم يتكلم «واط»
عن كيفية أخرى ـ أكثر تطورا من سابقتها ـ فيقول : إن «الوحى كان عندئذ كما يبدو من
نوع التعبير الخيالى ولكنه مصحوب بدون شك برؤية عقلية أو خيالية لجبريل ، ويوحى
قول الحديث «على صورة إنسان» ... بأنها كانت رؤية خيالية» .
يريد المستشرق
أن يقول : إن الوحى القرآنى ليس شيئا خارجا عن الذات المحمدية ، وإنما منها نبع ،
لقد وصل المكر بهذا المستشرق الاعتماد على القرآن ليلقى بهذه الفرية ، ولكن هيهات فاللقاء بين والتلقى كان يتم بين ذاتين : ذات النبى
المتلقى ،
__________________