حينئذٍ نتساءل : هل الوضع النوعي ل «فاعَلَ» هو موضوع لعنوان التعدية بنحو يكون عنواناً انتزاعياً مشتركاً بين تمام هذه الموارد؟ فهذا غير صحيح ؛ لأنه مفهوم اسميّ وليس معنىً حرفياً ، ويستحيل أن يكون هذا العنوان بمفهومه الاسمي مدلولاً للهيئة ، بعد الاتفاق على أن الهيئة ملحقة بالحروف. وإن قيل إنه موضوع لواقع منشأ انتزاع عنوان التعدية ، فالجواب أن المنشأ هو نسب متباينة ذاتاً لأن مداليل «إلى ، مع ، اللام» لا يوجد جامع حقيقي فيما بينها ، على ما هو مبرهن عليه في كلمات المحقّق الأصفهاني وغيره من المحقّقين.
إذن فلا محيص عن أن يتصوّر المحقّق الأصفهاني نسبة أخرى شخصية غير هذه النسب تكون محفوظة في تمام موارد التعدّيات الحرفية التي تقوم مقامها هيئة باب المفاعلة ، من هنا نتساءل ما هي تلك النسبة؟
الرابع : لو تنزلنا عن الاعتراض الأول الذي كان بلحاظ الفعل المتعدّي بنفسه ، والتزمنا بأن التعدّي في «قتل وقاتل» بنحوٍ واحد ، على عناية مخصوصة في الثاني كما تقدّم ، نسأل المحقّق الأصفهاني عن هذا التعدّي : هل يراد منه
المعنى الاسمي للتعدّي أو منشأ انتزاعه؟ إن أُريد الأوّل فهو معنىً اسمي ولا يمكن أن يكون معنىً حرفياً ، وإن أُريد الثاني فمنشأ انتزاع التعدي في «ضرب» إنما هو ذات النسبة ، لأن التعدي هنا ذاتيّ كما اعترف به. إذن فلو كان هذا بنفسه مدلول كلمة «ضارب» لكان مدلول كلمتي «ضرب وضارب» شيئاً واحداً.
وكأنّ الأصفهاني التفت إلى هذا ، فقال في مقام توضيح مرامه : إننا مرّة نفرض أن شخصاً ضرب آخر من دون التفات فيقال : «ضربه» وأخرى