إِلاَّ أَنْ آمَنَّا بِاللهِ وَما أُنْزِلَ إِلَيْنا وَما أُنْزِلَ مِنْ قَبْلُ وَأَنَّ أَكْثَرَكُمْ فاسِقُونَ (٥٩) قُلْ هَلْ أُنَبِّئُكُمْ بِشَرٍّ مِنْ ذلِكَ مَثُوبَةً عِنْدَ اللهِ مَنْ لَعَنَهُ اللهُ وَغَضِبَ عَلَيْهِ وَجَعَلَ مِنْهُمُ الْقِرَدَةَ وَالْخَنازِيرَ وَعَبَدَ الطَّاغُوتَ أُولئِكَ شَرٌّ مَكاناً وَأَضَلُّ عَنْ سَواءِ السَّبِيلِ (٦٠) وَإِذا جاؤُكُمْ قالُوا آمَنَّا وَقَدْ دَخَلُوا بِالْكُفْرِ وَهُمْ قَدْ خَرَجُوا بِهِ وَاللهُ أَعْلَمُ بِما كانُوا يَكْتُمُونَ (٦١)
____________________________________
وتكرهون](١). أتى نفر من اليهود رسول الله صلىاللهعليهوسلم فسألوه عمّن يؤمن به من الرّسل؟ فقال : «أؤمن بالله وما أنزل علينا وما أنزل على إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب والأسباط وما أوتي موسى وعيسى والنبيون من ربهم لا نفرّق بين أحد منهم ونحن له مسلمون» ، فلمّا ذكر عيسى جحدوا نبوّته ، وقالوا : ما نعلم دينا شرّا من دينكم ، فأنزل الله تعالى : (هَلْ تَنْقِمُونَ) أي : هل تكرهون وتنكرون منا إلّا إيماننا وفسقكم ، أي : إنّما كرهتم إيماننا وأنتم تعلمون أننا على حقّ ، لأنّكم قد فسقتم ، بأن أقمتم على دينكم لمحبّتكم الرّئاسة ، وكسبكم بها الأموال ، وتقدير قوله : (وَأَنَّ أَكْثَرَكُمْ فاسِقُونَ) ولأنّ أكثركم ، والواو زائدة ، والمعنى : لفسقكم نقمتم علينا الإيمان. قوله :
(٦٠) (قُلْ هَلْ أُنَبِّئُكُمْ) أخبركم ، جواب لقول اليهود : ما نعرف أهل دين شرا منكم ، فقال الله : (هَلْ أُنَبِّئُكُمْ) أخبركم (بِشَرٍّ مِنْ) ذلكم المسلمين الذين طعنتم عليهم (مَثُوبَةً) جزاء وثوابا (عِنْدَ اللهِ؟ مَنْ لَعَنَهُ اللهُ) أي : هو من لعنه الله : أبعده عن رحمته (وَغَضِبَ عَلَيْهِ وَجَعَلَ مِنْهُمُ الْقِرَدَةَ وَالْخَنازِيرَ) يعني : أصحاب السّبت (وَعَبَدَ الطَّاغُوتَ) [نسق على (لَعَنَهُ اللهُ) وعبد الطاغوت :](٢) أطاع الشّيطان فيما سوّله له. (أُولئِكَ شَرٌّ مَكاناً) لأنّ مكانهم سقر (وَأَضَلُّ عَنْ سَواءِ السَّبِيلِ) قصد الطّريق ، وهو دين الحنيفيّة ، فلمّا نزلت هذه الآية عيّر المسلمون اليهود ، وقالوا : يا إخوان القردة والخنازير ، فسكتوا وافتضحوا.
(٦١) (وَإِذا جاؤُكُمْ قالُوا آمَنَّا) يعني : منافقي اليهود (وَقَدْ دَخَلُوا بِالْكُفْرِ وَهُمْ قَدْ خَرَجُوا بِهِ) أي : دخلوا وخرجوا كافرين ، والكفر معهم في كلتي حالهم.
__________________
(١) زيادة من ظ.
(٢) زيادة ليست في الأصل ، وهي ثابتة في الباقي.