يَتَّخِذَ إِلى رَبِّهِ سَبِيلاً) أي إلا أن تسلكوا عن رضا وطيب نفس السبيل التي تنتهي بكم إلى النجاة والفلاح ، وتقدم في الآية ٩٠ من الأنعام.
٥٨ ـ (وَتَوَكَّلْ) يا محمد (عَلَى الْحَيِّ الَّذِي لا يَمُوتُ وَسَبِّحْ بِحَمْدِهِ) اقرن التوكل بالعبادة الخالصة لوجه الله (وَكَفى بِهِ بِذُنُوبِ عِبادِهِ خَبِيراً) ولا يضرك من أكبر واستكبر ، فنحن له بالمرصاد.
٥٩ ـ (الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَما بَيْنَهُما فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ) تقدم في الآية ٥٤ من الأعراف وغيرها (ثُمَّ اسْتَوى عَلَى الْعَرْشِ) استولى على الملك ، وتقدم مرات (فَسْئَلْ بِهِ) قال ابن هشام في المغني «الباء هنا بمعنى عن بدليل قوله تعالى : (يَسْئَلُونَ عَنْ أَنْبائِكُمْ) ـ ٢٠ الأحزاب» وعليه يكون المعنى اسأل عن خلق السموات والأرض (خَبِيراً) وهو الذي خلق كل شيء.
٦٠ ـ (وَإِذا قِيلَ لَهُمُ اسْجُدُوا لِلرَّحْمنِ قالُوا وَمَا الرَّحْمنُ) نحن لا نعرف عنه شيئا.
٦١ ـ (تَبارَكَ الَّذِي جَعَلَ فِي السَّماءِ بُرُوجاً) وهي منازل الشمس والقمر ، أنظر تفسير الآية ١٦ من الحجر (وَجَعَلَ فِيها سِراجاً) الشمس.
٦٢ ـ (وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ خِلْفَةً) يخلف أحدهما الآخر ، يأتي الليل ويذهب النهار ، ثم يأتي هذا ويذهب ذاك ، وهكذا دواليك (لِمَنْ أَرادَ أَنْ يَذَّكَّرَ) من طلب الدليل على وجود الله وجده في جميع الأشياء ، ومنها تعاقب الليل والنهار. وفي نهج البلاغة : أنظر إلى الشمس والقمر ... واختلاف الليل والنهار ... فالويل لمن أنكر المقدر ، وجحد المدبر ، زعموا أنهم كالنبات ما لهم زارع ، ولا لاختلاف صورهم صانع ، ولم يلجئوا إلى حجة ... وهل يكون بناء من غير بان أو جناية من غير جان؟.
٦٣ ـ (وَعِبادُ الرَّحْمنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْناً) بلا استعلاء وخيلاء ، قال الإمام الصادق (ع) في تفسير هذه الآية : «هو الرجل يمشي على سجيته التي جبل عليها لا يتكلف ولا يتصنع». والإنسان هو المخلوق الوحيد الذي يتصور نفسه فوق حقيقتها وواقعها ، أما سائر المخلوقات الحية فلها حد لا تتعداه بحكم الطبيعة ، فالأشجار مهما ارتفعت لا تصل إلى السماء ، والحيوانات لا تعرف العجب والغرور ، ولا حب الجاه والشهرة ، ولا الحقد والحسد ، ولا شيء يحركها إلا الجوع ، فإذا شبعت سكنت ولم تطلب المزيد وسالمت حتى الوحوش المفترسة (وَإِذا خاطَبَهُمُ الْجاهِلُونَ قالُوا سَلاماً) إذا سمعوا من سفيه كلمة سوء تجاهلوه ولم يقابلوه. قال الإمام عليّ (ع) : إن لم تكن حليما فتحلم. وشتم سفيه حكيما فأعرض عنه ، وحين قيل له : لم لا تبالي؟ قال : لا أتوقع من الغراب تغريد البلابل.
٦٤ ـ (وَالَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّداً وَقِياماً) ينصرفون في ظلمة الليل إلى طاعة الله بالصلاة أو بالدعاء أو بتلاوة القرآن أو بالعلم والعمل به ونشره وتعليمه.
٦٥ ـ ٦٦ ـ (وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا اصْرِفْ عَنَّا عَذابَ جَهَنَّمَ إِنَّ عَذابَها كانَ غَراماً) لازما لا مفر لنا منه إلا إلى عفو الله ورحمته ، وهذا كناية عن تخوفهم من عذابه تعالى على إخلاصهم له وجهادهم في سبيله.