عَلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ) هل يستوي الأخرس الكل العاجز الذي لا يقدر على شيء هو والقادر على كل شيء والحكيم العادل الذي أعطى كل شيء خلقه وحقه؟ فكيف ساويتم أيها الوثنيون في العبادة بين الله تعالى الجامع لصفات الكمال والجلال وبين أصنام صم بكم؟ وجاء في التفسير المسمى بالتسهيل لمحمد بن أحمد الكلبي «أن الرجل أبو جهل ، والذي يأمر بالعدل عمار بن ياسر.
٧٧ ـ (وَلِلَّهِ غَيْبُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَما أَمْرُ السَّاعَةِ) يوم القيامة (إِلَّا كَلَمْحِ الْبَصَرِ أَوْ هُوَ أَقْرَبُ) بيان لقدرته تعالى ، وأن إعادة الخلق بعد فنائه أيسر عنده من رد الطرف عندنا.
٧٨ ـ (وَاللهُ أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُطُونِ أُمَّهاتِكُمْ ...) لا أحد يشك ويناقش في أن الإنسان يخرج من بطن أمه صحيفة بيضاء خالية من كل صورة ورسم إلا من الهداية لاجترار الغذاء من الثدي ، وإنما الخلاف بين الفلاسفة في أن المبادئ العقلية هل هي بالكامل وليدة الحس والتجربة أو أن بعضها وليد الفطرة يدركها العقل تلقائيا بلا دليل ومقدمات كمبدأ الذاتية الذي يقول : إن الشيء هو عين ذاته. ولا يمكن أن يكون شيئا آخر ، وبعضها كسبي لا يدرك إلا بدليل؟ واكثر العلماء والفلاسفة على هذا الرأي ، وهو الحق وإلا لم تكن لدينا قضايا يقينية على الإطلاق لأن القضية اليقينية لا بد او أن تستند إلى البديهة مباشرة أو بالواسطة. وفي أية حال فان مصدر المعرفة الفطرية والنظرية لا يتجاوز (السَّمْعَ وَالْأَبْصارَ وَالْأَفْئِدَةَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ) الله على هذه النعم.
٧٩ ـ (أَلَمْ يَرَوْا إِلَى الطَّيْرِ مُسَخَّراتٍ فِي جَوِّ السَّماءِ ما يُمْسِكُهُنَّ إِلَّا اللهُ) المراد بمسخرات مهيئات للطيران ، وبالإمساك عدم السقوط على الأرض ، ومن الواضح أن الله يجري الأمور على أسبابها ، ويسندها إليه لأنه سبب الأسباب. وقد اشتهر على الألسنة : إذا أراد الله أمرا هيأ أسبابه ، وعليه يكون المعنى أن الله خلق للطير جناحين وزوده بكل معدات الطيران وأدوات ٨٠ ـ (وَاللهُ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ بُيُوتِكُمْ سَكَناً) فهل أوجد سبحانه السكن بيده أو أرسل لبنائه ملائكة السماء أو قال له كن فكان ، كلا وإنما وهبنا العقل وأرشدنا إلى طريق العلم وقال : (وَاعْمَلُوا صالِحاً إِنِّي بِما تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ وَجَعَلَ لَكُمْ مِنْ جُلُودِ الْأَنْعامِ بُيُوتاً تَسْتَخِفُّونَها يَوْمَ ظَعْنِكُمْ وَيَوْمَ إِقامَتِكُمْ) تستخفونها : خفيفة الحمل. والظعن : السفر ، والإقامة المكث واللبث ، والبيوت بشتى أنواعها نعمة من الله على عباده ، لا يعرف قدرها إلا الذين لا بيوت لهم ، ولحصانة البيوت واحترامها أحكام خاصة في كتب الفقه الإسلامي (وَمِنْ أَصْوافِها وَأَوْبارِها وَأَشْعارِها أَثاثاً وَمَتاعاً إِلى حِينٍ) الصوف من الغنم ، والوبر من الإبل ، والشعر من المعز ، والأثاث محتويات البيت ، والمتاع كل ما ينتفع به سوى الذهب والفضة و «إلى حين» إشارة إلى أن الدنيا بالكامل لا قرار لها ولا دوام.
٨١ ـ ٨٢ ـ (وَاللهُ جَعَلَ لَكُمْ مِمَّا خَلَقَ ظِلالاً) جمع ظل ، يقي من حر الشمس (وَجَعَلَ لَكُمْ مِنَ الْجِبالِ أَكْناناً) حصونا ومعاقل (وَجَعَلَ لَكُمْ سَرابِيلَ) قمصانا (تَقِيكُمُ الْحَرَّ) والبرد أيضا ، وحذف هذا لدلالة ذاك عليه (وَسَرابِيلَ) دروعا (تَقِيكُمْ بَأْسَكُمْ) عند الطعن والضرب.