١٤٨ من الأنعام (فَهَلْ عَلَى الرُّسُلِ إِلَّا الْبَلاغُ الْمُبِينُ) إن الله سبحانه لا يتدخل في أفعال العباد بإرادته الشخصية التكوينية ، بل يشّرع ويبلّغ بلسان رسله ، وقد بلغوا وأنكروا على المتمردين المعاندين أشد الإنكار ، فاعترضوا وسخروا ، فحقت عليهم كلمة العذاب.
٣٦ ـ (وَلَقَدْ بَعَثْنا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولاً أَنِ اعْبُدُوا اللهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ) تدل هذه الآية بوضوح أن الله سبحانه قد أرسل رسولا لكل أمة في كل قرن وإلى كل قطر ، وهذا ما يقتضيه العدل ، ويحكم به العقل ، حيث لا عقاب بلا تكليف وبيان ، وليس من الضروري أن يكون هذا الرسول نبيا ، له تاريخ مذكور وأثر مشهور ، فقد يكون عالما بدين الله أو عقلا خالصا من الشوائب.
(فَمِنْهُمْ مَنْ هَدَى اللهُ) وهو الذي سلك طريق الهدى والتقى (وَمَنْ يَتَّقِ اللهَ يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئاتِهِ وَيُعْظِمْ لَهُ أَجْراً) ـ ٥ الطلاق» (وَمِنْهُمْ مَنْ حَقَّتْ عَلَيْهِ الضَّلالَةُ) وهو الذي سلك طريق الضلال ، وأسرف في الفساد (إِنَّ اللهَ لا يَهْدِي مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ كَذَّابٌ) ـ ٢٨ غافر».
٣٧ ـ (إِنْ تَحْرِصْ عَلى هُداهُمْ) لقد جاهدت يا محمد ، وحرصت كل الحرص على هداية الناس بعامة وقومك بخاصة ، ولكن مجرد الحرص ليس سببا لوجود الهداية ، وإنما السبب الأول هو رغبة الإنسان في الهدى وتحرره من الهوى (فَإِنَّ اللهَ لا يَهْدِي مَنْ يُضِلُ) وهو مصر على الضلالة (وَما لَهُمْ مِنْ ناصِرِينَ) إلا الندم والتوبة قبل فوات الأوان.
٣٨ ـ (وَأَقْسَمُوا بِاللهِ جَهْدَ أَيْمانِهِمْ لا يَبْعَثُ اللهُ مَنْ يَمُوتُ) ولا دليل على هذا النفي إلا الاستبعاد والشك ، والشك عند العلماء باعث وسبب للبحث والتنقيب لا للنفي بلسان الجزم (بَلى وَعْداً عَلَيْهِ حَقًّا) لا مفر منه لأسباب ، منها :
٣٩ ـ (لِيُبَيِّنَ لَهُمُ الَّذِي يَخْتَلِفُونَ فِيهِ) اختلف الناس في ربهم وأنبيائهم وفي عاداتهم وآرائهم وفي العديد من الأشياء ، ولا بد من الحكم والفصل بين المحق والمبطل والطيب والخبيث ، ويوم القيامة هو يوم الحساب بالحق والعدل حيث لا حجج زائفة ولا أعذار كاذبة.
(وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّهُمْ كانُوا كاذِبِينَ) في قسمهم : لا يبعث من يموت ، ويقولوا : يا ويلنا من بعثنا من مرقدنا ، هذا ما وعد الرّحمن وصدق المرسلون.
٤٠ ـ (إِنَّما قَوْلُنا لِشَيْءٍ إِذا أَرَدْناهُ أَنْ نَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ) تماما بدأ الخلق بهذه الكلمة وبها يعيده ، وتقدم في الآية ١١٧ من البقرة وغيرها.
٤١ ـ ٤٢ ـ (وَالَّذِينَ هاجَرُوا فِي اللهِ مِنْ بَعْدِ ما ظُلِمُوا ...) وتصدق هذه الآية على الصحابة الذين هاجروا إلى الحبشة والمدينة المنورة ، وأيضا تشمل الذين شردوا عن ديارهم وأموالهم قسرا وعدوانا.