١٠٥ ـ (وَكَأَيِّنْ مِنْ آيَةٍ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ يَمُرُّونَ عَلَيْها وَهُمْ عَنْها مُعْرِضُونَ) كأن الله سبحانه يقول لنبيه الكريم : هون عليك ولا تحزن إذا كفروا بك وبما تملك من الأدلة والبراهين ، فإني خلقتهم من لا شيء ، ورزقتهم ، وأسبغت عليهم نعمي ظاهرة وباطنة ، وأقمت لهم الأدلة على وجودي في أنفسهم وفي الآفاق ، ومع ذلك جادلوا وعاندوا وجحدوا ... فأمهلت وسترت وما عاجلت ، فعلام تحزن أنت وتبتئس بما يفعلون؟ وفي نهج البلاغة : «فو الله لقد ستر حتى كأنه قد غفر».
١٠٦ ـ (وَما يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللهِ إِلَّا وَهُمْ مُشْرِكُونَ) من جحد بالله أكثر ممن آمن به ، وأكثر المؤمنين به هم والجاحدون بمنزلة سواء ، لأنهم يعبدون مع الله إلها آخر لا يوحدون ، والشرك في حكمه تعالى أعظم من الإلحاد ، وللشرك أشكال وألوان : من عبادة الأصنام إلى تحريم الحلال وتحليل الحرام ، ومن الرياء إلى عبادة المال ...
١٠٧ ـ (أَفَأَمِنُوا أَنْ تَأْتِيَهُمْ غاشِيَةٌ مِنْ عَذابِ اللهِ) أي كارثة تغمرهم وتبيدهم.
١٠٨ ـ (قُلْ هذِهِ سَبِيلِي) أي طريقتي وسنتي ، وهي (أَدْعُوا إِلَى اللهِ عَلى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي) والدعاء إلى الله تعالى دعاء إلى العلم والعقل والحق والعدل في حياة الناس أفرادا وجماعات. هذا هو الإسلام في جوهره ، فهل يفتقر إلى الدليل على صحته وصدقه؟ وأي عاقل يقول : ما الدليل على وجوب العمل بالحق والعدل واتباع العلم والعقل؟.
١٠٩ ـ (وَما أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ) يا محمد (إِلَّا رِجالاً) لا نساء ولا ملائكة (نُوحِي إِلَيْهِمْ مِنْ أَهْلِ الْقُرى) أي كسائر الناس معروفين بأنسابهم وبلادهم وأخلاقهم (أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ ...) تقدم في الآية ١٣٧ من آل عمران و ١١ من الأنعام.
١١٠ ـ (حَتَّى إِذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُلُ) من إيمان المشركين ، وعلموا علم اليقين بأنه لا أحد يؤمن إلّا من قد آمن من قبل (وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا) أي بعد أن طال أمد العذاب ظن الرسل أن بعض أتباعهم الذين آمنوا بهم قد ارتابوا بما وعد به أنبياؤهم. (جاءَهُمْ نَصْرُنا) بعد أن طال الانتظار وضاق الحال ، وظن الناس بالله وأنبيائه الظنون جاء الفرج ، قال الإمام علي (ع) : عند تناهي الشدة تكون الفرجة ، وعند تضايق حلق البلاء يكون الرجاء ١١١ ـ (لَقَدْ كانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِأُولِي الْأَلْبابِ) قص سبحانه على نبيه أخبار الأنبياء السابقين ، ومنها خبر يوسف مع إخوته ، وفي هذه القصص والأخبار العديد من الفوائد الجديرة بالتفكير والتدبر ، منها أن العاقبة للصابرين المتقين ، وأن دائرة السوء تدور على الطغاة المفسدين ، ومنها أن هذه القصص حجة كافية في الدلالة على نبوة محمد (ص)