ونحلوك حلية ـ أعطوك
صفة ـ المخلوقين بأوهامهم (قُلِ ادْعُوا شُرَكاءَكُمْ) أصنامكم (ثُمَّ كِيدُونِ) أي كيدوني (فَلا تُنْظِرُونِ) أي فلا تمهلوني ، والمعنى قل يا محمد للمشركين اجمعوا
أصنامكم لحربي ومضرتي ، ولا تمهلوني لحظة فهذا أوان مقدرتها وسلطانها.
١٩٦ ـ (إِنَّ وَلِيِّيَ اللهُ الَّذِي نَزَّلَ
الْكِتابَ وَهُوَ يَتَوَلَّى الصَّالِحِينَ) هذا من كلام الرسول الأعظم (ص) يخاطب به المشركين ويقول :
أنتم تتولون الأصنام ، وأنا أتولى الله الذي نزل علي القرآن ، وهو سبحانه يتولى
حفظي وحراستي.
١٩٧ ـ (وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ لا
يَسْتَطِيعُونَ ...) تقدم قبل لحظة في الآية ١٩٢.
١٩٨ ـ (وَإِنْ تَدْعُوهُمْ إِلَى الْهُدى لا
يَسْمَعُوا) أيضا تقدم في الآية ١٩٣ ، وجاء التكرار ، لأن النبي (ص)
تحدى الأصنام وعبدتها الطغام. (وَتَراهُمْ) أي ترى الأصنام (يَنْظُرُونَ إِلَيْكَ
وَهُمْ لا يُبْصِرُونَ) تماما كالتماثيل في الكنائس ، وفيه إيماء إلى أن عرب
الجاهلية كان لهم شأن في النحت.
١٩٩ ـ (خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ
وَأَعْرِضْ عَنِ الْجاهِلِينَ) والذي يفهم من كلمة العفو للوهلة الأولى التجاوز عن الذنب
، والمراد به هنا ما يعم ويشمل التيسير في كل شيء وعدم التشدد والتعسير في نطاق
الشرع وأحكامه ، والمراد بالعرف الخير وكل ما فيه جهة نفع وصلاح ، وبالإعراض عن
الجاهلين الحلم والأناة عند الغضب. هذا هو الإسلام في أخلاقه : حياة فاضلة تقوم
على اليسر وعدم الحرج في الدعوة إلى كل خير والعمل به ، والاعراض عن القال والقيل
وعن الإمام الصادق (ع) : ليس في القرآن أجمع لمكارم الأخلاق من هذه الآية.
٢٠٠ ـ (وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ
الشَّيْطانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللهِ) إذا رأيت منكرا من سفيه أو معصية من فاسق ، وغضبت لله ،
فلا يذهبن الغضب بحلمك ، فاصبر واستعذ بالله ، وخاطبه بالحسنى ، عسى أن يستجيب لك.
قال الإمام علي (ع) في وصفه تعالى : «ولا يشغله غضب عن رحمة» ٢٠١ ـ (إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذا
مَسَّهُمْ طائِفٌ مِنَ الشَّيْطانِ) إن المؤمنين حقا وصدقا إذا اصطدمت عاطفتهم مع دينهم وقام
الصراع بينهما ، وأوشكت العاطفة أن تتغلب على الدين (تَذَكَّرُوا) نهي الله سبحانه وغضبه وعذابه (فَإِذا هُمْ مُبْصِرُونَ) بأن العاقبة للمتقين ، فكبحوا عاطفتهم ، وأمسكوها بلجام
الدين والتقوى عن معاصي الله ، وقادوها إلى طاعته ٢٠٢ ـ (وَإِخْوانُهُمْ يَمُدُّونَهُمْ فِي
الغَيِّ ثُمَّ لا يُقْصِرُونَ) الشياطين هم اخوان المجرمين ، وأولئك يغرون هؤلاء جاهدين
في كل قبيح ورذيلة ، وهؤلاء يسرعون إلى الإجابة طائعين ٢٠٣ ـ (وَإِذا لَمْ تَأْتِهِمْ بِآيَةٍ) كان المشركون يطلبون من النبي (ص) معجزات معينة على سبيل
التعنت ، فإذا لم يأتهم (قالُوا لَوْ لا) هلا (اجْتَبَيْتَها) افتعلتها من عندك أو طلبتها من ربك (قُلْ إِنَّما أَتَّبِعُ ما يُوحى
إِلَيَّ مِنْ رَبِّي) الأمر كله في قبضته تعالى ، ولا شيء لي منه إلا السمع
والطاعة لما يوحي به إلي.