١٥٩ ـ (إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ) جعلوه فرقا وطوائف (وَكانُوا شِيَعاً) كل فرقة وطائفة تتشيع لإمام (لَسْتَ مِنْهُمْ) يا محمد (فِي شَيْءٍ) ولا هم منك في شيء ، (إِنَّما أَمْرُهُمْ إِلَى اللهِ) فهو وحده يتولى عقاب من يثير العداوة والبغضاء بين أهل الدين الواحد ، والذين لا توحدهم عقيدة التوحيد فهم من حزب الشيطان وأعوانه.
١٦٠ ـ (مَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثالِها) أي عشر حسنات ، وفي الحديث الشريف : «الحسنة عشر أو أزيد ، والسيئة واحدة أو عفو ، فالويل لمن غلبت آحاده أعشاره». ورب سيئة واحدة كالإلحاد والعدوان على العباد ـ تمحو ألوف الحسنات (وَمَنْ جاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَلا يُجْزى إِلَّا مِثْلَها) العدل أن لا تظلم مثقال ذرة حتى من ظلمك تقدر عقوبته بقدرها ، والإحسان أن تعفو عن المسيء ، أو تزيد في جزاء المحسن ، والله سبحانه عادل ومحسن.
١٦١ ـ (قُلْ) يا محمد : (إِنَّنِي هَدانِي رَبِّي) بالفطرة الصافية والعقل السليم والوحي من عنده (إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ) يبتعد بي عن الباطل ، ويوصلني إلى الحق (دِيناً قِيَماً) قائما دائما بالدعوة إلى القسط والحق (مِلَّةَ) دين (إِبْراهِيمَ حَنِيفاً) تاركا الباطل إلى الحق (وَما كانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ) بل من أعدى أعداء الشرك وأهله.
١٦٢ ـ (قُلْ إِنَّ صَلاتِي) الواجب منها والمستحب (وَنُسُكِي) من حج وصوم وخمس وزكاة (وَمَحْيايَ) أعمالي في الحياة الدنيا (وَمَماتِي) وما أموت عليه من الإيمان والولاء للنبي وأهل بيته ، كل ذلك خالصا (لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ) ١٦٣ ـ (لا شَرِيكَ لَهُ) في عقيدتي وجميع أعمالي ، لأن الشرك جهل ورجس (وَبِذلِكَ أُمِرْتُ) عقلا وشرعا.
١٦٤ ـ (قُلْ أَغَيْرَ اللهِ أَبْغِي رَبًّا وَهُوَ رَبُّ كُلِّ شَيْءٍ) وإذن فغيره مثلي مربوب ، فكيف أعبده؟ (وَلا تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ إِلَّا عَلَيْها) لكل جزاء عمله خيرا كان أم شرا. (وَلا تَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرى) النفس الوزارة الآثمة هي وحدها تؤخذ بما أسلفت وكسبت من حرام وآثام ، ولا أحد يحمل جرمها وجريرتها ، وبهذا يتبين أن نسبة قول من قال : «يعذب الميت ببكاء أهله» إلى رسول الله (ص) ـ مجرد افتراء لأنه مخالف لكتاب الله ، وفي التوراة سفر خزقيال الإصحاح ١٨ فقرة ٢ قال الرب : «أنتم تضربون هذا المثل على أرض إسرائيل قائلين : الآباء أكلوا الحصرم ، وأسنان الأبناء ضرست
____________________________________
الإعراب : (يَوْمَ يَأْتِي يَوْمَ) منصوب على الظرفية متعلق ب (لا يَنْفَعُ) و (أَمْثالِها) صفة لمحذوف أي عشر حسنات أمثالها. (دِيناً) بدل من (صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ) على المحل ، لأن كل مجرور لفظا منصوب محلا ، والمعنى هداني صراطا مستقيما ، مثل قوله تعالى : (وَيَهْدِيَكَ صِراطاً مُسْتَقِيماً). و (قِيَماً) صفة لدين. و (مِلَّةَ إِبْراهِيمَ) بدل من دين. و (حَنِيفاً) حال من (إِبْراهِيمَ). أغير الله (غَيْرَ) مفعول أول لأبغي ، وربا مفعول