وأشرف الموت القتل في هذا السبيل (أَوْ يَغْلِبْ) الطغاة المعتدين على عباد الله وعياله (فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْراً عَظِيماً) لأنه دفع الثمن عظيما.
٧٥ ـ (وَما لَكُمْ لا تُقاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ) وسبيله تعالى عام في كل خير. (وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجالِ وَالنِّساءِ وَالْوِلْدانِ) وأيضا وبالخصوص مالكم لا تجاهدون لخلاص المظلومين ونسائهم وأطفالهم ، وتشير الآية إلى أن النبي (ص) حين هاجر هو ومن معه من المسلمين من مكة إلى المدينة وبقي من عجز عن الهجرة ، فأذاقهم المشركون ألوانا من الأذى والتنكيل ، وكانوا يستغيثون و (الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنا أَخْرِجْنا مِنْ هذِهِ الْقَرْيَةِ الظَّالِمِ أَهْلُها ...) وهي مكة ، فأمر سبحانه المسلمين بفتح مكة لإنقاذ المؤمنين المستضعفين من ظلم الطغاة المشركين ، وتقرر هذه الآية أن الهدف الأساس للجهاد والقتال هو إنساني تضامني ينقذ الضعفاء من الظلم ، ويقيم العدل على وجه العموم حيث لا عدالة بلا قوة ، كما أن القوة بلا عدالة استبداد.
٧٦ ـ (الَّذِينَ آمَنُوا يُقاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا يُقاتِلُونَ فِي سَبِيلِ الطَّاغُوتِ) هذه موازنة ومقارنة بين أهداف المخلصين وأهداف الخائنين من القتال ، فالأولون يجاهدون لإحقاق الحق وإقامة العدل ، وأما الخائنون فيقاتلون لإحياء الباطل ورساخة الظلم وإشاعة الفساد في الأرض.
(فَقاتِلُوا أَوْلِياءَ الشَّيْطانِ) الذين يعيثون في الأرض مفسدين ، فإن قتالهم وقتلهم صلاح وخير للإنسانية جمعاء ، ومهادنتهم شر وفساد (إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطانِ كانَ ضَعِيفاً) إن قوة الخائن المبطل بالغة ما بلغت فما هي بشيء ، في جنب الإخلاص والحق والعدل.
٧٧ ـ (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ قِيلَ لَهُمْ كُفُّوا أَيْدِيَكُمْ) تألب المشركون في مكة على النبي والصحابة المستضعفين ، ولما اشتد البلاء عليهم سألوا النبي أن يأذن لهم بالقتال دفاعا عن أنفسهم ، فنهاهم عن ذلك ، لأن القتال آنذاك عملية انتحارية ، وقال الرسول فيما قال : اصمدوا على دينكم مهما قاسيتم في سبيله (وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكاةَ) وهذا هو المطلوب منكم الآن وكفى (فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقِتالُ) أمروا بالجهاد بعد الهجرة إلى المدينة حيث أصبح للإسلام والمسلمين قوة رادعة (إِذا فَرِيقٌ مِنْهُمْ يَخْشَوْنَ النَّاسَ) أي قتال الأعداء (كَخَشْيَةِ اللهِ أَوْ أَشَدَّ خَشْيَةً) تحمسوا للقتال حين نهوا عنه ، وتقاعسوا عنه حين أمروا به ، ولكن خوفا من الموت لا شكّا في دينهم وعقيدتهم (وَقالُوا رَبَّنا لِمَ كَتَبْتَ عَلَيْنَا الْقِتالَ لَوْ لا أَخَّرْتَنا إِلى أَجَلٍ قَرِيبٍ) ليس هذا اعتراضا بل رجاء وإن كان الجبن هو الباعث والدافع
____________________________________
الإعراب : (وَمَنْ يُقاتِلْ) من اسم شرط في موضع رفع على الابتداء ، وخبرها جواب الشرط ، وهو فسوف نؤتيه