مدينة مراكش ، وليس من فاس عند الانطلاقة الثانية لسفارة الزبيدي.
في نفس التاريخ وجه السلطان رسالة إلى خديمه الحاج محمد بن سعيد السلاوي يخبره بتعيينه الزبيدي سفيرا إلى فرنسا ، ويطلب منه مساعدته على اختيار أحد الكتاب من أهل سلا لمرافقته وهذا نصها :
«... (١) وبعد فقد عينا خديمنا الحاج محمد الزبيدي للتوجه سفيرا لدولة الفرنصيص ، فإن عين لك كاتبا يصحبه معه من خدامنا أهل سلا فامره بالتوجه معه لقضاء الغرض والسلام ، ٢١ ذي القعدة عام ١٢٩٢ ه ..». وبعد تفاوض الزبيدي مع بعض أعيان الرباط يقول الجعيدي «.. (٢) .. أشاروا عليه بصاحب هذا التقييد ...» فطلب الزبيدي من القائد بن سعيد أن يرسله عاجلا إليه «... فتوجهت إلى الباشدور فتلاقيت به ... فأخبرني بخبر هذه الحركة السعيدة ...».
بسبب العديد من المشاكل تأجل موعد ذهاب سفارة الزبيدي (٣) إلى فرنسا من أبريل سنة ١٨٧٥ م إلى شهر يونيو سنة ١٨٧٦ م وهذه المرة إلى أربعة دول وهي فرنسا وبلجيكا وأنجلترا وإيطاليا.
__________________
(١) رسالة محفوظة بخزانة الحاج العربي بن سعيد السلاوي بسلا.
(٢) انظر رحلة الجعيدي : ص ١٠٠.
(٣) تشكيلة أعضاء السفارة المغربية ، يوجد بينهم فروق في السن والثقافة ، فالزبيدي كان عمره ٧٣ سنة سياسي محنك كمرجع يستند عليه المخزن ، استمر يزاول مهامه طيلة أيام حياته ، الأمين غنام لا يزال في ربيع شبابه عمره ٣٠ سنة لأول مرة ينصبه الزبيدي كأمين مرافق له ، هو الآخر بقي يزاول مهامه حتى فرض الحماية على المغرب. أما الكاتب الجعيدي الفقيه كان يشتغل بالعدالة. عمره يناهز ٤٣ سنة ، يهتم بعلم الفلك ويرجع له الفضل في تخليد هذه الرحلة السفارية. فقد همش من أية مهمة مخزنية بعد عودته من أوربا حتى سنة ١٢٩٧ ه حيث أعيد إليه الاعتبار وعينه الحسن الأول لإحصاء صائر مراكش ، أما القواد المرافقون لهم فكل واحد ينتمي لحنطة من الحناطي التابعة لدار المخزن ، ومستواهم الثقافي كان في الغالب ضعيفا. (انظر ما ذكره الجعيدي في حق أحدهم ب «رحلته».