المعاملة ، فاقتضت
الحكمة وجود سنّة عادلة قانونيّة يرجع إليها عند وقوع التنازع ، وإلّا لآل وقوع
الشرّ والفساد إلى هلاك الأشخاص البشريّة المستلزم ذلك لارتفاع النوع ، المطلوب في
الحكمة بقاؤه.
ثمّ تلك السّنّة
المسمّاة شريعة لو فوّض تقريرها إلى الأشخاص لاستلزم التنازع المذكور أيضا ؛
لاختلاف الآراء والأهواء في تقريرها. فوجب كونها صادرة عن الجانب الإلهيّ.
ثمّ إنّه لمّا لم
يكن البارئ تعالى قابلا للإشارة الحسّيّة والمواجهة والمخاطبة وجب وجود واسطة بينه
وبينهم ، له وجه روحانيّ لتلقّي الوحي الإلهيّ ، ووجه جسمانيّ يخاطب به الأشخاص
البشريّة ، وذلك هو النبيّ. فوجود النبيّ لطف ضروريّ في بقاء النوع ، فكان واجبا.
قال
: أصل ـ امتناع وقوع
القبائح والإخلال بالواجبات عن الرّسل ، على وجه لا يخرجون عن حدّ الاختيار ـ
لئلّا تنفر عقول الخلق عنهم ، ويثقون بما جاءوا به ـ لطف. فيكون واجبا ، ويسمّى
هذا اللطف عصمة ، فالرسل معصومون.
أقول
: لمّا فرغ من وجوب
وجود النبيّ شرع في ذكر صفاته ، وقد ذكر منها وجوب العصمة. وقد اختلف الناس في ذلك
، فقال الخوارج بجواز صدور الكفر عنهم ؛
__________________