إلى وَلَدِهِ الشَّيخ مُوسَى(١) ، وبعد وفاةِ الأخيرِ ابتَاعَهَا الشَّيخُ علىّ من وَرَثَتهِ ، ونتيجة جهده المُتَوَاصِل ، وسَعيه الحثيث لنمائِها ، زَادَ عليها كُتُباً كَثِيرَةً حتَّى بلغتْ أواخر حياته خمسة آلاف مجلَّد بين مخطوط ومطبوع(٢) ، وخَاصَّةً ما حصلَ عليه في سفراتهِ خارج العراق واحتجنتهَا مكتبتُهُ العامرةُ ، وكانَ يَقضِي مُعظمَ وَقتِهِ ليلا ونَهَارًا مَعها ، وأصبحَتْ ـ فِيمَا بَعد ـ فِي مُقَدِّمَةِ المَكتَبَاتِ النَّجَفِيَّةِ ، وجعلها وقفاً للباحثينِ والقرَّاءِ.
وصفها جرجي زيدان بأَنَّها : «مكتبة قديمة حوتْ أمَّهات الكتب ، ويتيمات المصنَّفات ، في نفائس العلوم والفنون ، وأكثرها مكتوب في العصور الخالية ،... ، وهي أكبر مكتبة في النجف»(٣).
وهو صاحبُ المقولةِ السَّائِرَةِ : «إِنَّ الكُتُبَ لا تُجمَع إلاّ بثلاث : بِصَبرِ أَيُّوب ، وعُمر نُوح ، ومُلك قَارُون».
وقد سُرِقَتْ مِنهُ مجاميع في الطَّريقِ لِحُسْنِ تجليدها أو خَطِّها ، ورَاجَعَ عَشَرَاتِ المصادر والمراجع هنا وهناك ، وكلَّمَا سَمِعَ أو رَأَى كِتَاباً بَادَرَ إِلى شِرَائِهِ ، وإنْ لم يقدرْ أَعطَى الأُجرَةَ على نَسخِهِ ، أمَّا الذي تَعسَّرتْ عليه كِتَابَتُهُ بالأُجرَةِ لِقلَّةِ ما في اليد فيهرع إلى نَسْخِهِ بِيَدِهِ.
ورَوَى حَادِثَةً طَرِيفَةً تُبيِّنُ مدَى وَلَعِهِ بها ، وتَفضِيله لها حتَّى على أهلهِ ،
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(١) المفصَّل في تاريخ النجف الأشرف ١٩/٥٩.
(٢) مجلّة (الغري) ، ع ٨٦ ، (١٣٦١هـ/١٩٤٢م) ، ص ١٢٨.
(٣) تاريخ آداب اللغة العربيَّة ٤/١٢٨.