ولم قال : (قَتَلْتُمْ) ، والقاتل واحد؟ وأيّ شيء وقعت الإشارة عليه بقوله : (كَذلِكَ يُحْيِ اللَّهُ الْمَوْتى)؟
الجواب : قلنا :
هذه الآية وإن تأخّرت فهي مقدّمة في المعنى ؛ ويكون التأويل : (وَإِذْ قَتَلْتُمْ نَفْساً فَادَّارَأْتُمْ فِيها) فسألتم موسى فقال لكم : إنّ الله يأمركم أن تذبحوا بقرة ، فأخّر المقدّم وقدّم المؤخّر ؛ ومثله في القرآن وكلام العرب كثير(١).
والوجه الثاني : أن يكون وجه التأخير فيها أنّه علّق بما هو متأخّر في الحقيقة ، وواقع بعد ذبح البقرة ، وهو قوله : (فَقُلْنا اضْرِبُوهُ بِبَعْضِها كَذلِكَ يُحْيِ اللَّهُ الْمَوْتى) ؛ لأنّ الأمر بضرب المقتول ببعض البقرة إنّما هو بعد الذبح ؛ فكأنّه قال : (فَذَبَحُوها وَما كادُوا يَفْعَلُونَ) ولأنّكم (قَتَلْتُمْ نَفْساً فَادَّارَأْتُمْ فِيها) فأمرناكم أن تضربوه ببعضها ، ليكشف أمره.
أقول(٢) : إنّما قدّمت(٣) قصّة الأمر بالذبح على ذكر القتل(٤) مع تقدّمه لأنّ الغرض ذكر قصّتين كلّ واحدة منهما(٥) تختصّ بنوع من التقريع ، فلو
__________________
(١) مثله : (الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنْزَلَ عَلى عَبْدِهِ الْكِتابَ وَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ عِوَجاً قَيِّماً) (الكهف : ١ ، ٢).
(٢) ر : (أنا).
(٣) م : (قدم).
(٤) م : (القتيل).
(٥) م / ر : (منها).