الشعوب ، فلقد ظلّت هذه المنطقة في مرتبة دنيا ضمن اهتمامات دولة الخلافة الإسلامية ، بدأً من (القرن الأوّل الهجري / السابع الميلادي).
وقد عقد ابن خلدون (ت ٨٠٨ هـ / ١٤٠٥م) للورّاقين فصلاً في مقدّمته بسط فيه الحديث عن صناعتهم فقال : «كانت العناية قديماً بالدواوين العلمية والسجلاّت في نسخها وتجليدها وتصحيحها بالرواية والضبط ، وكان سبب ذلك ما وقع من ضخامة الدولة وتوابع الحضارة ، وقد ذهب العهد بذهاب الدولة وتقلّص العمران ، بعد أن كان منه في الملّة الإسلامية بحر زاخر بالعراق والأندلس ، إذ هو كلّه من توابع العمران واتّساع نطاق الدولة ، ونفاق أسواق ذلك لديهما ، فكثر التآليف العلمية والدواوين ، وحرص الناس على تناقلها في الآفاق والأعصار ، فانتسخت وجُلّدت ، وجاءت صناعة الورّاقين المعانين للانتساخ والتصحيح والتجليد وسائر الأمور الكتبية والدواوين ، واختصّت بالأمصار العظيمة العمران»(١).
ويفهم من هذا أنّ الورّاقة جاءت تابعة لقوّة الدولة واتّساع الحضارة ، وأنّ الورّاقين كان لهم مكان في الأمصار العظيمة والبلدان الكبيرة ، فهم بمثابة المطابع الحديثة اليوم ، وكانت مهمّتهم موزّعة بين الانتساخ ، والتصحيح ، والتجليد ، والتذهيب ، وكلّ ما يمتّ إلى صناعة الكتب بصلة.
لقد ظلّت شبه الجزيرة العربية ـ والبحرين بشكل خاصـ ابتداءً من (القرن الثاني الهجري / الثامن الميلادي) تعاني فتوراً سياسيّاً باعتبارها إقليماً
__________________
(١) مقدّمة ابن خلدون : ٣١٣.