وبقي فيها يدرس إلى أن
توفّي سنة (٤٦٠ هـ) ، فقام تلامذته مقامه ، فلمّا مصّر الأمير سيف الدولة الحلّة واتّخذها
مركزاً لأعماله قويت الرابطة بين البلدتين ، وامتدّت أعناق النجفيّين إليه ، وعلّقوا
عليه الآمال ليحيوا ما اندثر من نفوذهم وما كان لهم في عهد آل بويه من الحرّية التامّة
في التعبير عن آرائهم».
وحقيقة الأمر ، أنّ العلاقة بين المدينتين
(النجف والحلّة) علاقة عقائدية وثيقة ، وتبادلتا الأدوار الفكرية والعلمية والثقافية
بعد أُفول حوزة بغداد العلمية في أواسط القرن الخامس ، «إذ أخذت النجف تظهر إلى الوجود
كحاضرة إسلامية ، وأصبحت مدرسة علمية كبيرة .. ومدينة ذات خصائص المدينة الكاملة في
القرن الخامس الهجري ، وهي بذلك قد تزامنت مع بناء مدينة الحلّة في عهد الدولة المزيدية.
وبحكم العلاقة العقائدية بين المدينتين ، أخذت الحلّة تمدّ بأنظارها نحو النجف الأشرف
....
وبعد وفاة الشيخ الطوسي (٤٦٠ هـ) والشخصيّات
العلمية البارزة التي خلفته في حوزته الفتية في النجف الأشرف ، برز على الساحة العلمية
والفكرية ابن إدريس الحلّي (ت ٥٩٨ هـ) فمدّت النجف ببصرها نحو الحلّة ومدرستها العلمية
«فكان بروزه ـ ابن إدريس ـ إيذاناً بانتعاش مدرسة الحلّة في منتصف القرن السادس الهجري
، وعند ذلك أخذت مدرسة الحلّة تنافس مدرسة النجف ...».
__________________