قائمة الکتاب

    إعدادات

    في هذا القسم، يمكنك تغيير طريقة عرض الكتاب
    بسم الله الرحمن الرحيم

    نفحات الرحمن في تفسير القرآن [ ج ٣ ]

    نفحات الرحمن في تفسير القرآن

    نفحات الرحمن في تفسير القرآن [ ج ٣ ]

    تحمیل

    نفحات الرحمن في تفسير القرآن [ ج ٣ ]

    293/652
    *

    ثمّ لمّا كان مجال للسؤال عمّا قابلوا النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله من القبول والإعراض ، أجاب سبحانه بقوله : ﴿أَلا﴾ يا أهل العقل تعجّبوا من فعلهم ﴿إِنَّهُمْ﴾ بعد ما سمعوا المقال الذي ينبغي أن تخرّ منه صمّ الجبال ﴿يَثْنُونَ﴾ ويعطفون ﴿صُدُورَهُمْ﴾ على ما فيها من الكفر وعداوة النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله عطف الثّياب على ما فيها من الأشياء المستورة ﴿لِيَسْتَخْفُوا﴾ من الرّسول ، أو من الله ويستتروا ﴿مِنْهُ﴾ لئلّا يطّلع على ما هم عليه.

    عن الباقر عليه‌السلام : « أخبرني جابر بن عبد الله أن المشركين كانوا إذا مرّوا برسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله حول البيت ، طأطأ أحدهم ظهره ورأسه - هكذا - وغطّى رأسه بثوبه حتّى لا يراه رسول الله. فأنزل الله هذه الآية » (١) .

    وروي أنّ طائفة من المشركين قالوا : إذا أغلقنا أبوابنا ، وأرسلنا ستورنا ، واستغشينا ثيابنا ، وثنينا صدورنا على عداوة محمّد ، فكيف يعلم بنا ؟ (٢)

    وعن ابن عبّاس : أنّها نزلت في الأخنس بن شريق ، وكان رجلا حلو المنطق ، حسن السّياق للحديث ، يظهر المحبّة لرسول الله ، ويضمر في قلبه ما يضادّها (٣) .

    وعن ابن شداد : أنّها نزلت في بعض المنافقين ، كان إذا مرّ برسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ثنى صدره وظهره ، وطأطأ رأسه ، وغطّى وجهه ، كيلا يراه النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله ، قيل : إنّما صنع ذلك لأنّه لو رآه النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله لم يمكنه التخلّف عن حضور مجلسه ، والمصاحبة معه ، وربّما يؤدّي ذلك إلى ظهور ما في قلبه من الكفر والنّفاق(٤).

    ثمّ هدّدهم الله بقوله : ﴿أَلا حِينَ يَسْتَغْشُونَ ثِيابَهُمْ﴾ ويغطّونها عليهم ﴿يَعْلَمُ﴾ الله ﴿ما يُسِرُّونَ﴾ في صدورهم من الكفر ﴿وَما يُعْلِنُونَ﴾ ويظهرون بأفواههم من الطّعن على النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله وكتابه ؛ فيعاقبهم عليه ﴿إِنَّهُ﴾ تعالى ﴿عَلِيمٌ﴾ بذاته ﴿بِذاتِ الصُّدُورِ﴾ وضمائر القلوب من الأسرار والنيّات التي لا يطّلع عليها أحد ، فكيف يخفى عليه ضمائرهم ؟

    ﴿وَما مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلاَّ عَلَى اللهِ رِزْقُها وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّها وَمُسْتَوْدَعَها كُلٌّ فِي

     كِتابٍ مُبِينٍ (٦)

    ثمّ أنّه تعالى بعد ما نبّه على علمه بالضمائر والظّواهر ، أكّده ببيان تكفّله لأرزاق الحيوانات ، المتوقّف على علمه بأحوالها بقوله : ﴿وَما مِنْ دَابَّةٍ﴾ وحيوان متحرّك ﴿فِي الْأَرْضِ﴾ من ظهرها

    __________________

    (١) تفسير العياشي ٢ : ٢٩٩ / ١٩٨٨ ، الكافي ٨ : ١٤٤ / ١١٥ ، تفسير الصافي ٢ : ٤٣١.

    (٢) تفسير الرازي ١٧ : ١٨٥.

    (٣ و٤) . تفسير روح البيان ٤ : ٩٤.