ـ ذكر لذلك توجيهاً بأنّه يجوز أن تكون نقلت إلى مصر بوجه خفيٍّ على الناس ، مع أنّ زينب التي بمصر هي زينب بنت يحيى حسنيّة أو حسينيّة ـ كما يأتي ـ وحال زينب التي براوية حالها.
(رابعاً) : لم يذكر مؤرّخ أنّ عبدالله بن جعفر كان له قرى ومزارع خارج الشام حتّى يأتي إليها ويقوم بأمرها ، وإنّما كان يفد على معاوية فيجزيه ، فلا يطول أمر تلك الجوائز في يده حتّى ينفقها ، بما عرف عنه من الجود المفرط ، فمن أين جاءته هذه القرى والمزارع ، وفي أيّ كتاب ذكرت من كتب التواريخ.
(خامساً) : إن كان عبدالله بن جعفر له قرى ومزارع خارج الشام ، كما صوّرته المخيّلة للإتيان ، فما الذي يدعوه للاتيان بزوجته زينب معه ، وهي التي أتي بها إلى الشام ، أسيرة بزيّ السبايا ، وبصورة فظيعة ، وأدخلت على يزيد مع ابن أخيها زين العابدين ، وباقي أهل بيتها بهيأة مشجية ، فهل من المتصوّر أن ترغب في دخول الشام ورؤيتها مرّة ثانية ، وقد جرى عليها بالشام ما جرى ، وإن كان الداعي للإتيان بها معه هو المجاعة بالحجاز ، فكان يمكنه أن يحمل غلاّت مزارعه الموهومة إلى الحجاز ، أو بيعها بالشام ويأتي بثمنها إلى الحجاز ، وإن دعاه لذلك أنّه لم يكن له بالحجاز ما يقوتها به ، فجاء بها إلى الشام لإحراز قوتها فهو ممّا لا يقبله عاقل ، فابن جعفر لم يكن معدماً إلى هذا الحدّ ، مع أنّه يتكلّف من نفقة إحضارها وإحضار أهله أكثر من نفقة قوتها ، فما كان ليحضرها وحدها إلى الشام ويترك باقي عياله بالحجاز جياعى.