قائمة الکتاب

    إعدادات

    في هذا القسم، يمكنك تغيير طريقة عرض الكتاب
    بسم الله الرحمن الرحيم

    نفحات الرحمن في تفسير القرآن [ ج ٢ ]

    نفحات الرحمن في تفسير القرآن

    نفحات الرحمن في تفسير القرآن [ ج ٢ ]

    تحمیل

    نفحات الرحمن في تفسير القرآن [ ج ٢ ]

    558/676
    *

    الذّبح أو النّحر دون الدّم المتخلّف بعد الذّبح ، كما في الكبد والطّحال واللّحم ﴿أَوْ لَحْمَ خِنزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ﴾ وقذر ، وكلّ قذر نجس وحرام ، وإنّما خصّ حرمة لحمه بالذّكر مع أنّ شحمه أيضا حرام لكونه أهمّ ما فيه وعمدة ما يقصد منه بالأكل ﴿أَوْ فِسْقاً﴾ وهو الحيوان الذي ﴿أُهِلَّ لِغَيْرِ اللهِ بِهِ﴾ ورفع الصّوت عند ذبحه أو نحره باسم الأصنام ، وإنّما سمّاه فسقا لتوغّله فيه.

    عن القمّي رحمه‌الله : قد احتجّ قوم بهذه الآية على أنّه ليس شيء محرّما إلّا هذا ، وأحلّوا كلّ شيء من البهائم ؛ القردة والكلاب والسّباع والذّئاب والاسد والبغال والحمير والدّوابّ ، وزعموا أنّ ذلك كلّه حلال وغلطوا في هذا غلطا مبينا (١) ، وإنّما هذه الآية ردّ على ما أحلّت العرب وحرّمت ؛ لأنّ العرب كانت تحلّل على نفسها [ أشياء ] وتحرّم أشياء ، فحكى الله ذلك لنبيّه صلى‌الله‌عليه‌وآله ما قالوا (٢) .

    وقال الفاضل المقداد : وهنا سؤال ، وهو أنّه قد وجد كثير من المحرّمات ، وهو غير مذكور في الآية ، فكيف يقول : لا أجد إلّا كذا ... الدّال على الحصر ؟ وكذا في قوله : ﴿إِنَّما حَرَّمَ*﴾ و( إنّما ) للحصر.

    والجواب : أنّ ( اوحي ) فعل ماض ، و( أجد ) للحال ، فمنطوقها : لا أجد في ما اوحي إليّ في الماضي غير هذه الأربعة ، وليست هذه الآية آخر ما نزل عليه صلى‌الله‌عليه‌وآله ، فجاز أن يكون جاءه تحريم أشياء بعد نزولها ، وكذا الكلام في ( إنّما ) ، فإنّ الحصر فيها للحكم الحالي (٣) .

    تحقيق في دفع إشكال

    أقول : حكي الوجهان المذكوران لدفع الإشكال عن بعض العامّة أيضا ، وفيهما ما لا يخفى من الضّعف ، مع أنّهما منافيان للأخبار العاميّة والخاصيّة. وقد روى العامّة أن ابن عبّاس وعائشة استدلّا بالآية على حلّية لحم الحمار (٤) .

    وروى أصحابنا عن الصادقين عليهما‌السلام أنّهما قالا : « ليس الحرام إلّا ما حرّم الله » ، وتليا هذه الآية(٥) .

    فالحقّ في الجواب : أنّ جميع ما في آية المائدة داخل في الميتة ، وجميع النّجاسات داخل في عموم الرّجس ، فإنّ عموم العلّة من قوله : ﴿فَإِنَّهُ رِجْسٌ﴾ يوجب عموم الحكم لكلّ رجس ، وأمّا حرمة كلّ ذي ناب من الوحش ، وكلّ ذي مخلب من الطّير ، وكلّ ما لا فلس له من السّمك ، فإن قلنا : بأنّ المراد من الرّجس : الخبيث ، وأنّه ما استخبثه الشّارع ، فبأدلّة حرمة الأشياء المذكورة نعلم دخولها في الآية ، لعموم العلّة ، وإن قلنا : إنّ الرّجس هو القذر ، فيختصّ بالنّجاسات ، وحينئذ لا بدّ من الالتزام بتخصيص مفهوم الآية بتلك الأدلّة ، أو كونها قرينة على إرادة الحصر الإضافي أو الحصر الحقيقي ، وتنزيل حرمة غير هذه الأربعة منزلة المباح إعظاما لحرمة هذه الأربعة.

    __________________

    (١) في المصدر : بيّنا.

    (٢) تفسير القمي ١ : ٢١٩ ، تفسير الصافي ٢ : ١٦٦.

    (٣ و٤) . كنز العرفان ٢ : ٣٠٣.

    (٥) تفسير العياشي ٢ : ١٢٥ / ١٥١٣ و١٥١٤ ، تفسير الصافي ٢ : ١٦٧.