الشّكر ، والتمحّض للطّاعة ، والقيام بوظائف العبوديّة.
ثمّ لمّا كان التّرهيب أدخل من التّرغيب في البعث على امتثال التّكاليف ، وتحمّل المشاقّ ، أوضح كمال قدرته بقوله : ﴿مِنْ نَفْسٍ واحِدَةٍ﴾ وشخص فارد ، كان إيجاد جميع الخلائق التي لا تحصى كثرة [ منه ] وهو آدم.
عن ابن عبّاس رضي الله عنه : سمّي به لأنّه خلق من أديم الأرض كلّها ، أحمرها وأسودها ، طيّبها وخبيثها ، فلذلك كان في ولده الأحمر والأسود ، والطّيّب والخبيث (١) .
أقول : يمكن كون المراد من الأحمر والأبيض ؛ لأنّه (٢) من الأضداد.
عن الصادق عليهالسلام : « إنّ الله خلق آدم من الماء والطّين ، فهمّة ابن آدم في الماء والطين » (٣) .
ثمّ قرّر سبحانه انتهاء الخلق إلى أصل واحد ، ونفس واحدة ، بقوله : ﴿وَخَلَقَ مِنْها زَوْجَها﴾ حواء ، فزوّجها من فرعها ، فلا يتوهّم أنّ الخلق كان من أصلين ، ومن نفسين.
عن الصادق عليهالسلام ، في رواية : « أنّ الله خلق حوّاء من آدم ، فهمّة النّساء في الرّجال » (٤) .
عن القمّي : « برأها من أسفل أضلاعه » (٥) .
عن العيّاشي : عن أمير المؤمنين عليهالسلام ، قال : « خلقت حوّاء من قصيرى جنب آدم - والقصيرى : هو الضّلع الأصغر - فأبدل الله مكانه لحما » (٦) .
وعن النبيّ صلىاللهعليهوآله : « أنّ المرأة خلقت من ضلع أعوج ، فإن ذهبت تقيمها كسرتها ، وإن تركتها وفيها عوج استمتعت بها » (٧) .
وعن ابن عبّاس رضى الله عنه ، في رواية : وإنّما سمّيت المرأة بحوّاء ؛ لأنّها خلقت من ضلع من أضلاع آدم ، فكانت مخلوقة من شيء حيّ ، فلا جرم سمّيت بحوّاء (٨) .
ورواها في ( معاني الأخبار ) أيضا (٩) .
في بيان حكمة خلق حوّاء من الضّلع الأيسر
ولعلّ حكمة جعل مبدأ خلق حوّاء الضّلع الأيسر ، تأثيره في تعطّف الزّوج بالزّوجة (١٠) ، وحصول الالفة بينهما ، وتعلّق قلب الزّوج بها ، ويسر دخولها تحت يد الزوج وسلطانه ، وتمكينها من مضاجعة الزّوج : حيث إنّ الضّلع الأيسر جزء منعطف
__________________
(١) تفسير الرازي ٩ : ١٦١.
(٢) كذا ، والظاهر : أنّه.
(٣ و٤) . تفسير العياشي ١ : ٣٦١ / ٨٤٦ ، تفسير الصافي ١ : ٣٨٢.
(٥) تفسير القمي ١ : ١٣٠ ، تفسير الصافي ١ : ٣٨٢.
(٦) تفسير العياشي ١ : ٣٦١ / ٨٤٤ ، تفسير الصافي ١ : ٣٨٢.
(٧ و٨) . تفسير الرازي ٩ : ١٦١.
(٩) معاني الأخبار ٤٨ / ١.
(١٠) كذا ، والظاهر : على الزوجة.