الموجب لسبّهم الإله ، قال الله ـ تعالى ـ : (وَلا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللهِ فَيَسُبُّوا اللهَ عَدْواً بِغَيْرِ عِلْمٍ.)(١)
وبذلك يعلم أنّ بيع العنب بقصد أن يجعل خمرا حرام قطعا ، وكذا إيجاد الداعي في نفس المشتري لذلك ، وأمّا بيعه ممّن يعلم أنّه يجعله خمرا بدون قصد ذلك وبدون إيجاد الداعي في نفسه فهل يصدق عليه الإعانة على الإثم أم لا؟ فيه كلام ، والأخبار الصحيحة وردت بجوازه ، وسيأتي البحث فيه في النوع الثاني. هذا.
وكما يحرم الإغراء على المنكر يحرم السكوت في قباله أيضا ، لوجوب النهي عن المنكر مع تحقّق شرائطه.
وأما إذا كان صدور الفعل عن المباشر لا عن عصيان وطغيان بل لعذر رافع للحرمة فعلا من اضطرار أو إكراه أو جهل.
٢ ـ فإن كان عن اضطرار فالتسبيب إلى فعله والإغراء عليه حينئذ لا يحرم بل قد يجب حفظا لنفس المضطرّ.
٣ ـ وإن كان عن إكراه رافع للحرمة فلا يجوز معاونته في فعل الحرام ، وعمل المكره بنفسه محرّم لا لأقوائيّته بل لكونه ظلما في حقّ المكره وتسبيبا إلى الحرام ، وهما بنفسهما محرّمان كما مرّ ، ووزر المكره عليه كما أنّ ضمان إتلافه يستقرّ عليه إن لم نقل بتوجّهه إليه ابتداء.
٤ ـ وإن كان عن جهل يعذر فيه وكان الجهل بالحكم الكلي وجب على العالم إعلامه مطلقا لوجوب إرشاد الجاهل وتبليغ احكام الله ـ تعالى ـ نسلا بعد نسل إلى يوم القيامة ، كما يشهد بذلك الكتاب والسنّة :
قال الله ـ تعالى ـ : (فَلَوْ لا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ)(٢)
وفي موثقة طلحة بن زيد عن أبي عبد الله عليهالسلام قال : «قرأت في كتاب عليّ عليهالسلام : إنّ الله لم يأخذ على الجهّال عهدا بطلب العلم حتى أخذ على العلماء عهدا ببذل العلم للجهّال ، لأنّ العلم كان قبل الجهل.» (٣)
__________________
(١) سورة الأنعام (٦) ، الآية ١٠٨.
(٢) سورة التوبة (٩) ، الآية ١٢٢.
(٣) الكافي ، ج ١ ، ص ٤١ ، كتاب فضل العلم ، باب بذل العلم ، الحديث ١.