وافقه أخذوا به وما خالفه طرحوه (١) ، وقالوا : ما خالف كتاب اللّه فهو زخرف (٢). وهذا منهج يقبله العقل والفطرة السليمة.
وعليه ، فالشيعة ترفض الأقوال العائمة من قبل المغرضين أيا كان قائلها ، لأ نّها لا تسـتند إلى آية مباركة أو حديث صحيح أو عقل عملي أو اجماع محصَّل.
وإذا كنّا نريد التعامل مع البحث بموضوعيّة فلابدّ من النظر إليه وفق الأُصول الشرعيّة ، لأ نَّه لا يمكننا القول بإنّ كلَّ ما رواه وعمل به الغلاة فهو من وضعهم حتّى لو كان له أصل في القرآن أو السنة!
لقد كان للغلاة والمفوّضة وجود ، في عصر الأئمّة ثم من بعدهم ، وكان المحدِّثون القميّون ـ تبعا لأئمتهم ـ يخالفونهم بشدّة ، ويصرُّون على عدم نقل أيّ حديث أو رواية عنهم ، ويأسفون لوجود طائفة من الروايات منقولة عنهم ، حتّى وصل الأمر بأهل قم أن يخرجوا من مدينتهم عدَّة من جهابذة الحديث المعتبرين ، كأحمد بن محمّد بن خالد البرقيّ ـ صاحب كتاب المحاسن ـ لروايته أحاديث لا تحتملها عقولهم (٣) ، في حين نرى تلك الروايات منذ ذلك اليوم مدوّنة في كتبنا المعتبرة كالكافي ، والتهذيب ، ودَلَّ على صحتها القرآن والسنة.
إذا ينبغي دراسة هذه المسألة وما يماثلها بدقّة ، لنرى ما هو مدى صواب موقف الأعلام القمّيّين في تخطئة هؤلاء ، وهل حقا أنّهم من الغلاة أو المفوّضة أم لا؟ ولو بحثت عن ترجمة سهل بن زياد مثلاً ، أو حسين بن عبيد ، أو أبي سهيل محمّد بن عليّ القرشيّ ، وآخرين ممَّن طُعِنُوا في اعتقاداتهم بالتفو يض أو الغلوّ ،
__________________
(١) انظر المحاسن ١ : ٢٢٦ / ح ١٥٠ ، الكافي ١ : ٦٩ / ح ١ / باب الأخذ بالسنة وشواهد الكتاب ، الامالي للصدوق : ٤٤٩ / ح ٦٠٨.
(٢) انظر المحاسن ١ : ٢٢١ / ح ١٢٨ ، الكافي ١ : ٦٩ / ح ٣ ، وسائل الشيعة ٢٧ : ١١١ / ح ٣٣٣٤٧ ، مستدرك الوسائل ١٧ : ٣٠٤ / ح ٢١٤١٧ و ٢١٤١٨ ، بحار الأنوار ٢ : ٢٤٢ / ح ٣٧.
(٣) رجال ابن الغضائري : ٣٩ / ت ١٠ ، وعنه في الخلاصة للعلاّمة : ٦٣ / ت ٧.