فإذا كان العلم بالأحكام الإلهية نادرا جدا ، والفقيه غير مدرك لها بالعلم الوجداني ، فلا محالة أنّه يلجأ إلى الظنّ الذي علمنا أنّ الشارع اعتبره وجعله حجّة ، وهذا الظنّ هو الطريق العلمي.
ومن الطبيعي أنّه مع وجود مثل هذا الطريق لا يجوز للفقيه العمل بأيّ شيء آخر. وإذا فرضنا أنّه لم يجد الظنّ الذي قام الدليل الخاصّ بحجّيته فيضطرّ إلى العمل بكلّ ظنّ مهما كان ومن أيّ سبب حصل ذلك الظنّ كما يأتي بيانه.
الثاني : إنّ البحث في المقام عن حجّية خبر سنده متّصل إلى المعصوم برواة ثقات أو عدول إلّا أنّه ليس متواترا ، ولا ننظر في الخبر المفيد للظنّ بخصوصه ، بل نبحث عن كلّ خبر الثقة أو العدل وإن لم يكن مفيدا للظنّ بالفعل ؛ لأنّ البحث عن اعتبار الخبر لأنّه مفيد الظنّ النوعي ، أي من شأنه أنّه يورث الظنّ عند أغلب الناس ، وهو شأن كلّ خبر رواه الثقة أو العدل الإمامي بسند متّصل عن المعصوم عليهالسلام.
الثالث : الكلام في حجّية مثل الخبر إنّما يأتي على قول أغلب الأعلام من القدماء وجمهور المتأخّرين من إمكان حجّية الظنّ ، وأمّا على قول بعضهم القائل بعدم إمكان ذلك فلا مساغ للبحث أصلا.
الرابع : المقصود إثبات حجّية الخبر المفيد للظنّ النوعي من دون فرق بين زمان المعصومين وزماننا هذا ، فالمقصود حجّية الخبر في كلّ زمان حتى في زمان حضور الإمام عليهالسلام ؛ ولذلك ترى الأدلّة التي استدلّ بها على حجّية الخبر تقتضي حجّيته مطلقا.