قوّة تحمّل البلايا والمكاره والآلام في مقاتلتهم ﴿وَثَبِّتْ أَقْدامَنا﴾ في مزاولة النّزال ، ومعركة القتال ﴿وَانْصُرْنا﴾ بإعانتك وتأييدك ﴿عَلَى الْقَوْمِ الْكافِرِينَ﴾ الّذين لا يليقون لرحمتك ورأفتك. فحقّق الله ظنّهم ، وأجاب لهم دعوتهم ﴿فَهَزَمُوهُمْ﴾ وفرّقوا جمعهم وكسروا شوكتهم ﴿بِإِذْنِ اللهِ﴾ ونصره.
قصّة قتل جالوت وانهزام عسكره
عن القمّي ، عن الرضا عليهالسلام : « فأوحى الله إلى نبيّهم : أنّ جالوت يقتله من يستوي عليه درع موسى عليهالسلام ، وهو رجل من ولد لاوي بن يعقوب ، اسمه داود بن آسي ، وكان آسي راعيا ، وكان له عشرة بنين أصغرهم داود. فلمّا بعث طالوت إلى بني إسرائيل وجمعهم لحرب جالوت ، بعث إلى آسي أن احضر وأحضر ولدك ، فلمّا حضروا دعا واحدا واحدا من ولده ، فألبسه الدّرع - درع موسى - فمنهم من طالت عليه ، ومنهم من قصرت عنه ، فقال لآسي : هل خلّفت من ولدك أحدا ؟ قال : نعم ، أصغرهم تركته في الغنم راعيا. فبعث إليه [ ابنه ] فجاء به ، فلمّا دعي أقبل ومعه مقلاع (١) . قال : فنادته ثلاث صخرات في طريقه ، فقالت : يا داود خذنا ، فأخذها في مخلاته (٢) ، وكان شديد البطش قويا في بدنه شجاعا ، فلمّا جاء إلى طالوت ألبسه درع موسى ، فاستوت عليه » (٣) .
وفي رواية العيّاشي : « أنّ داود لمّا دخل العسكر ، سمعهم يتعظمون أمر جالوت ، فقال لهم : ما تعظّمون من أمره ، فو الله لئن عاينته لأقتلنّه. فحدّثوا بخبره حتّى ادخل على طالوت ، فقال : يا فتى ، وما عندك من القوّة ، وما جرّبت من نفسك ؟ قال : كان الأسد يعدو على الشّاة من غنمي فادركه ، فآخذ برأسه فافّك لحييه (٤) منها ، فآخذها من فيه. قال : فقال : ادع إليّ بدرع سابغة (٥) ، قال : فأتي بدرع ، فقذفها في عنقه فتملّأ (٦) منها. قال : فقال طالوت : والله لعسى الله أن يقتله به ، قال : فلمّا أن أصبحوا ورجعوا إلى طالوت ، والتقى النّاس ... » (٧) .
وفي رواية القمّي : « ووقف داود بحذاء جالوت ، وكان جالوت على الفيل ، وعلى رأسه التّاج ، وفي جبهته ياقوتة يلمع نورها ، وجنوده بين يديه ، فأخذ داود من تلك الحجارة حجرا فرمى به [ في ] ميمنة جالوت ، فمرّ في الهواء ووقع عليهم فانهزموا ، وأخذ حجرا آخر فرمى به [ في ] ميسرة جالوت فانهزموا ، ورمى جالوت بحجر (٨) فصكّ الياقوته في جبهته ، ووصل إلى دماغه ، ووقع إلى الأرض
__________________
(١) المقلاع : ما يرمى به الحجر.
(٢) المخلاة : ما يوضع فيه العلف ويعلق في عنق الدابة.
(٣) تفسير القمي ١ : ٨٢ ، تفسير الصافي ١ : ٢٥٥.
(٤) اللّحيان : العظمان اللذان فيهما الأسنان.
(٥) سابغة : أي واسعة.
(٦) أي امتلأت به ، واستوت عليه فكانت بقدر حجمه.
(٧) تفسير العياشي ١ : ١٣٤ / ٤٤٥ ، تفسير الصافي ١ : ٢٥٦ ..
(٨) زاد في المصدر : ثالث.