كفروا بالآيات ونبذوا العهود وراء ظهورهم ، فردّ الله عليهم بأنه ﴿ما كَفَرَ﴾ وما سحر سليمان ﴿وَلكِنَّ الشَّياطِينَ كَفَرُوا﴾ إذ ﴿يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ وَ﴾ يعلّمونهم ﴿ما أُنْزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ﴾ اللّذين نزلا ﴿بِبابِلَ﴾ وهو بلد بالعراق. وقيل : جبل دماوند. وقيل غير ذلك (١) ، وكان اسم أحدهما ﴿هارُوتَ وَ﴾ اسم الآخر ﴿مارُوتَ﴾
قصّة هاروت وماروت
عن الصادق عليهالسلام أنه قال : « كان بعد نوح عليهالسلام قد كثر السّحرة والمموّهون (٢) ، فبعث الله تعالى ملكين إلى نبيّ ذلك الزّمان بذكر ما يسحر به السّحرة وذكر ما يبطل به سحرهم ويردّ به كيدهم. فتلقّاه النبيّ عن الملكين وأدّاه إلى عباد الله بأمر الله عزوجل ، وأمرهم أن يقفوا به على السّحر ، وأن يبطلوه ، ونهاهم أن يسحروا به النّاس. وهذا كما يدلّ على السّم ما هو ، وعلى ما يدفع به غائلة السّمّ ، ثمّ يقول للمتعلّم : ذلك السّمّ ، فمن رأيته سمّ فادفع غائلته بكذا ، وإيّاك أن تقتل بالسّمّ أحدا. قال : وذلك النبيّ أمر الملكين أن يظهر للنّاس بصورة بشرين ويعلّماهم ما علّمهما الله تعالى من ذلك ويعظاهم » (٣) .
عن النبيّ صلىاللهعليهوآله قال : « اتّقوا الدنيا ، فو الّذي نفسي بيده إنّها لأسحر من هاروت وماروت » (٤) .
روي عن أبي محمّد عليهالسلام أنّ رجلا قال : إنّ قوما عندنا يزعمون أنّ هاروت وماروت ملكان اختارتهما الملائكة ، فلمّا كثر عصيان بني آدم أنزلهما الله مع ثالث لهما إلى الدنيا ، وأنّهما افتتنا بالزّهرة وأرادا الزّنا بها ، وشربا الخمر ، وقتلا النّفس المحرّمة ، وأن الله يعذّبهما ببابل ، وأنّ السّحرة منهما يتعلّمون السّحر ، وأنّ الله تعالى مسخ تلك المرأة بالكوكب الذي هو الزّهرة.
فقال الإمام عليهالسلام : « معاذ الله عن ذلك ، إنّ ملائكة الله معصومون محفوظون عن الكفر والقبائح بألطاف الله تعالى ، قال الله عزوجل فيهم : ﴿لا يَعْصُونَ اللهَ ما أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ ما يُؤْمَرُونَ﴾(٥) وقال تعالى : ﴿وَلَهُ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَمَنْ عِنْدَهُ﴾ يعني الملائكة ﴿لا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبادَتِهِ وَلا يَسْتَحْسِرُونَ* يُسَبِّحُونَ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ لا يَفْتُرُونَ﴾(٦) وقال في الملائكة : ﴿بَلْ عِبادٌ مُكْرَمُونَ* لا يَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ وَهُمْ بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ﴾ إلى قوله : ﴿مُشْفِقُونَ﴾(٧) .
__________________
(١) تفسير أبي السعود ١ : ١٣٨ ، مجمع البيان ١ : ٣٣٨.
(٢) في النسخة : والموهمون.
(٣) التفسير المنسوب إلى الإمام العسكري عليهالسلام : ٤٧٣.
(٤) كنز العمال ٣ : ١٨٢ / ٦٠٦٣.
(٥) التحريم : ٦٦ / ٦.
(٦) الأنبياء : ٢١ / ١٩ و٢٠.
(٧) التفسير المنسوب إلى الإمام العسكري عليهالسلام : ٤٧٥ ، والآيات من سورة الأنبياء : ٢١ / ٢٦ - ٢٨.