بوضع مستحدث من الشّارع في هذه الشّريعة وإن كانت حقائقها ثابتة أيضا في الشّرائع السّابقة. وعلى هذا التّقدير تكون حقايق شرعيّة لا لغويّة وهذا القول وإن أمكن عقلا إلّا أنه بعيد جدا ، إذ من المستبعد كذلك مع فرض وجود هذه المعاني وهذه الالفاظ المأنوسة المألوفة في الشّرائع السّابقة عدم وضعها لها فيها وأنه إنّما حدث في هذه الشّريعة ، غاية الامر أن تكون لها أسامي اخرى من العبرانية أو السّريانية أيضا كما أن لمعنى الصّلاة في هذه الشّريعة اسم آخر حتى في صدرها كلفظة نماز في اللغة الفارسيّة ، وهذا لا يقتضي أن لا تكون موضوعة لها في تلك الشّرائع ، نعم في الشّرائع الّتي لم تكن فيها اللغة العربية بالمرّة لا محيص من الالتزام بتأخر وضع هذه الالفاظ العربية عنها ، ولا يخفى أن وجود هذا الاحتمال (١) أعني إمكان ثبوت هذه المعاني في الشّرائع السّابقة كما أنه ينافي ثبوت الحقيقة الشرعية بالوضع التعييني كذلك ينافي ثبوتها بالوضع التعيني كما هو واضح ، فالقول به مع هذا الاحتمال في غاية الاشكال ، والأدلة الّتي اقيمت على ثبوتها لو تمت دلالتها في غير هذه الجهة إلّا أنّها من هذه الجهة غير صالحة للاستدلال ومع قطع النظر عنه فلو منع من حصول الحقيقة الشّرعية في لسان النّبي صلىاللهعليهوآله إلّا أن الانصاف أن منعها في لسانه ولسان تابعيه مكابرة.
وتظهر ثمرة النّزاع في المسألة في الالفاظ الصّادرة عن الشّارع مجردة عن القرينة يجب حملها على معانيها اللغوية على القول بعدم الثبوت ، وعلى معانيها الشّرعية على القول بالثّبوت لكن فيما علم تأخر الاستعمال عن تاريخ الوضع ، وأمّا إذا جهل
__________________
(١) وأقول هذا الاحتمال. إن كان ينافي القول بثبوت الحقيقة الشّرعيّة إلّا أنّه يوافق في الثّمرة العملية في لزوم حمل هذه الألفاظ على معانيها الشّرعيّة سواء كانت على القول بها أو حقائق لغوية على الاحتمال ولعل هذا هو الوجه الامر في الكفاية ، لمحرره.