المقيّدة ، فلا تكون ظاهرة في استيعاب جميع أفراد الطّبيعة إلّا بالإطلاق وقرينة الحكمة ، فلو ورد مخصّص يكون منافيا لإطلاق المادّة وتقييدا لها ، وأمّا ظهور الهيئة في العموم فيبقى بحاله من غير تصرّف وتجوز فيه أصلا ، فيكون مرجع التّخصيص إلى التّقييد مطلقا ، أو هو في النّهي من قبيل القسم الأوّل وفي الأمر من قبيل القسم الثّاني ، ولعلّ المتبادر والأظهر هو الثّاني ، فيكونان متساويين في أن العموم المستفاد منها إنّما كان بحسب الإطلاق وقرينة الحكمة.
والوجهان المذكوران جاريان في جميع صيغ العموم ، ومحصّلهما أن صيغ العموم بقسميه حتّى مثل «كلّ رجل» سواء وقعت في حيز الإثبات أو النّفي ، هل هي ظاهرة وضعا في استيعاب جميع ما هو مدلول مدخولها وضعا ، فيكون التّخصيص مطلقا قرينة على التّصرّف والتّجوز فيها ، أو استيعاب تمام ما هو المراد من المدخول وإن كان معنى مجازيا له؟ فيكون التّخصيص مطلقا مرجعه إلى التّقييد في مدخولها وعلى هذا فلا تدلّ على استيعاب جميع أفراد الطّبيعة المطلقة إلّا عند استظهار إرادتها ، أمّا بالقرينة الخاصة أو بمقدّمات الحكمة ، ولا ينافي هذا دلالتها على استيعاب أفراد ما هو المراد من مدخولها ، إذ الفرض عدم الدّلالة على أنّه المطلق أو المقيّد ، وليست هكذا قضيّة الوجه الأوّل كما لا يخفى ، ولعلّ الوجهين ممّا ينتفع به في بعض المباحث الآتية في العام والخاص كحجّيّة العام المخصّص فيما بقي وعدمها إذ قضيّة الوجه الثّاني كونه حجّة فيه بخلاف الأوّل.
وكيف كان : الّذي يسهل الخطب هو أنّ موارد استفادة العموم من الأمر أو النّهي جلا أو كلا محفوفة بالقرائن ، فلا بدّ في مقام التّرجيح من تقديم ما هو الأظهر منهما ، وإلّا فلو سلّم اختلافهما ، في إفادة العموم بأن يكون وضعيّا في النّهي