الله علمه عن العباد فهو مرفوع عنهم .. كل شيء مطلق حتى يرد فيه نهي الخ فاعترف بعضهم بدلالتها ، وناقشها آخرون على غرار كل شيء يستدل به حتى ولو كان من عالم الحس والعيان.
وقال النائيني برواية الخراساني : «أظهر ما استدلوا به على البراءة من الأخبار حديث الرفع ، وفيه الكفاية». اما الانصاري فقد عرض الأخبار كلها أو جلها ، وناقشها بكل ما أوتي من نقوض وطعون ، كما هو دأبه وديدنه في الغربلة والتمحيص ، ثم انتهى إلى القول : «والانصاف ظهور بعضها في الدلالة على عدم وجوب الاحتياط فيما لا نص في الشبهة التحريمية بحيث لو فرض تمامية الأخبار الآتية للاحتياط وقعت المعارضة بينهما». ولهذا الجزم واليقين ثقله من شيخ المحققين.
الإجماع
لا أحد يشك أو يختلف مع أحد في أن عدم الدليل من الشرع والعقل على تحريم مجهول الحرمة ـ دليل على العدم ، وانما الخلاف بين الاصوليين القائلين بالبراءة ، وبين الاخباريين القائلين بالاحتياط ، الخلاف فيما بينهم ينحصر بشيء واحد ، وهو : هل هناك دليل على وجوب الاحتياط ، أو لا عين ولا أثر لهذا الدليل؟.
ذهب الاخباريون إلى وجوده ووضوحه في الشبهة التحريمية من الكتاب والسنة والعقل ، ووقف الاصوليون في الجانب المعاكس ، واستدلوا بالكتاب والسنة والإجماع والعقل. وطريف أن يحتج الأصولي بالاجماع على الاخباريين ، أو يحتج الاخباري بالاجماع ضد الاصوليين ، وهما في قلب المعركة! (انظر فصل الاجماع ، فقرة : تناقض واضطراب ، من هذا الكتاب).
دليل العقل
استدل الأصوليون بالعقل ، والمراد بدليله هنا قاعدة قبح العقاب بلا بيان. طبعا بعد الأناة والبحث عن الدليل قدر الإمكان واليأس منه.
وقال قائل : محل الكلام هو الشبهة التحريمية ، والشك في ان الحكم المجهول :