الملائمة ويقويه فانقدح أن المجعول في هذه الموارد ليس بحكم شرعي أصلا كي يلزم محذور اجتماعه مع الحكم الواقعي (ولو أبيت عن ذلك) فلا مناص لك عن المحذور أصلا وقد ذكرنا أن القول بأن مؤديات هذه الأصول في طول الواقع بعد تسليم كونها أحكاما شرعية لا يفيد في الجواب فإن إذن الشارع وترخيصه في مخالفة الأحكام الواقعية لا يصح إلا بعد رفع يده عنها وأن لا يكون له فيها بالنسبة إلى المتحير إرادة ولا كراهة إذ لا معنى لإذن الكاره أو المريد في الفعل أو الترك بالنسبة إلى الواقعة الخاصة المكروهة أو المرادة ومع رفع يده عنها وعدم انقداح إرادة أو كراهة في نفسه بالنسبة إليها يلزم خلو الواقعة عن الحكم المشترك بين العالم والجاهل والوقوع في محذور التصويب الأهم من ذاك المحذور ومجرد الطولية والعرضية لا يجدي بعد كون الفعل أو الترك المأذون فيه الصادر من المتحير في حال تحيره مشمولا للإرادة أو الكراهة المتقدمة في نفس المولى أزال الله تعالى بفضله وكرمه عني الغفلة والاشتباه
المبحث الثاني في تنقيح أن مقتضى الأصل هل هو حجية الظن أو عدم حجيته كي يكون هو المرجع عند الشك فيها فنقول لا ريب في أن التعبد بما لا يعلم اعتباره من الأمارات الظنية بالخصوص افتراء وتشريع يحكم بقبحه العقل بالاستقلال وبحرمته من باب الملازمة الشرع من غير فرق بين ما علم بعدم اعتباره أو لم يعلم به أيضا كما لا يعلم باعتباره فإن التعبد بالأمارة وإسناد مؤداها على الشارع إنما يجوز فيما علم بأنه منه وجدانا أو تعبدا وبدون إحراز ذلك يصدق التشريع والافتراء لا محالة لأنه إتيان بما لا يعلم أنه منه بقصد أنه منه وتصرف في سلطانه وخروج عما يقتضيه رسم عبوديته ويستدعيه ذي الرقية فلا إشكال في حرمته وإن كان في دلالة بعض ما استدل به عليهما مثل آية الافتراء