لا واو عطف ، كما تقول : «ضربت عبد الله وزيد قائم». وقد قرئت نصبا لأنها مثل ما ذكرنا ، وذلك لأنه قد يسقط الفعل على شيء من سببها وقبلها منصوب بفعل فعطفتها عليه وأضمرت لها فعلها فنصبتها به. وما ذكرنا في هذا الباب من قوله (والسّارق والسّارقة فاقطعوا أيديهما) [المائدة : الآية ٣٨] وقوله (والزانية والزاني فاجلدوا) ليس في قوله (فاقطعوا) [المائدة : الآية ٣٨] و (فاجلدوا) [النّور : الآية ٢] خبر مبتدأ لأن خبر المبتدأ هكذا لا يكون بالفاء. فلو قلت «عبد الله فينطلق» لم يحسن. وإنما الخبر هو المضمر الذي فسرت لك من قوله «ومما نقص عليكم» وهو مثل قوله : [الطويل]
وقائلة خولان فانكح فتاتهم |
|
وأكرومة الحيّين خلو كما هيا (١) |
كأنه قال : «هؤلاء خولان» «كما تقول : «الهلال فانظر إليه» كأنك قلت : «هذا الهلال فانظر إليه» فأضمر الاسم.
فأما قوله (واللذان يأتيانها منكم فآذوهما) [النساء : ١٦] فقد يجوز أن يكون هذا خبر المبتدأ ، لأن «الذي» إذا كان صلته فعل جاز أن يكون خبره بالفاء نحو قول الله عزوجل (إن الذين توفاهم الملائكة ظالمي أنفسهم) [النساء : ٩٧] ثم قال (فاولئك مأواهم جهنم).
باب الواو
أما قوله (واستعينوا بالصّبر والصّلوة وإنّها لكبيرة) [الآية ٤٥] فلأنه حمل الكلام على «الصلاة». وهذا كلام منه ما يحمل على الأول ومنه ما يحمل على الآخر. وقال (الله ورسوله أحق أن يرضوه) [التوبة : ٦٢] فهذا يجوز على الأول والآخر. وأقيس هذا إذا ما كان بالواو أن يحمل عليهما جميعا. تقول : «زيد وعمرو ذاهبان». وليس هذا مثل «أو» لأن «أو» إنما يخبر فيه عن أحد الشيئين. وأنت في «أو» بالخيار إن شئت جعلت الكلام على الأول وإن شئت على الآخر ، وأن تحمله على الآخر أقيس لأنك إن تجعل الخبر على الاسم الذي يليه الخبر فهو أمثل من أن تجاوزه إلى اسم بعيد منه. قال (وإذا رأوا تجرة أو لهوا انفضّوا إليها) [الجمعة : الآية ١١] فحمله على الأول ، وقال في موضع آخر (ومن رّحمته جعل لكم
__________________
(١) تقدم البيت مع تخريجه برقم ٥٣.