وقال (والله أعلم بإيمنكم بعضكم مّن بعض) [الآية ٢٥] فرفع (بعضكم) على الابتداء.
وقال (بإذن أهلهنّ) [الآية ٢٥] لأن : «الأهل» جماعة ولكنه قد يجمع فيقال : «أهلون» كما تقول : «قوم» و «أقوام» فتجمع الجماعة وقال (شغلتنا أموالنا وأهلونا) [الفتح : الآية ١١] فجمع. وقال (قوا أنفسكم وأهليكم نارا) [التّحريم : الآية ٦] فهذه الياء ياء جماعة فلذلك سكنت وهكذا نصبها وجرها بإسكان الياء وذهبت النون للإضافة.
وقال (وأن تصبروا خير لّكم) [الآية ٢٥] يقول : «والصبر خير لكم».
وقال (يريد الله ليبيّن لكم ويهديكم) [الآية ٢٦] يقول : «وليهديكم» ومعناه : يريد كذا وكذا ليبين لكم. وإن شئت أوصلت الفعل باللام إلى «أن» المضمرة بعد اللام نحو (إن كنتم للرّءيا تعبرون) [يوسف : الآية ٤٣] وكما قال (وأمرت لأعدل بينكم) [الشورى : ١٥] فكسر اللام أي : أمرت من أجل ذلك.
وقال (إلّا أن تكون تجارة عن تراض مّنكم) [الآية ٢٩] فقوله (إلّا أن تكون تجارة) استثناء خارج من أول الكلام و (تكون) هي «تقع» في المعنى وفي «كان» التي لا تحتاج إلى الخبر فلذلك رفع التجارة.
وقال (وندخلكم مّدخلا كريما) [الآية ٣١] لأنها من «أدخل» «يدخل» والموضع من هذا مضموم الميم لأنه مشبه ببنات الأربعة «دحرج» ونحوها. ألا ترى أنك تقول : «هذا مدحرجنا» فالميم إذا جاوز الفعل الثلاثة مضمومة. قال أميّة بن أبي الصلت (١) : [البسيط]
١٧١ ـ الحمد لله ممسانا ومصبحنا |
|
بالخير صبّحنا ربّي ومسّانا (٢) |
__________________
(١) هو أمية بن أبي الصلت بن أبي ربيعة بن عوف بن عقدة بن غيرة بن قسي. كان يعمل في التجارة بين الشام واليمن ، ثم تزهّد ونسك ولبس المسوح ونبذ عبادة الأوثان ، وحرّم على نفسه الخمرة. قرأ الكتب المتقدمة من كتب الله عزوجل ، وكان يخبر بأن نبيا يبعث قد أطلّ زمانه ويؤمّل أن يكون هو النبي ، فلما بلغه بعثة النبي محمد صلىاللهعليهوسلم تكدّر وأغمي عليه ، وكفر به حسدا. ولما أنشد رسول الله صلىاللهعليهوسلم شعره قال : آمن لسانه وكفر قلبه ، ويروى أن النبي صلىاللهعليهوسلم لما سمع شعر أمية قال : كاد أمية يسلم ، مات في السنة الثامنة للهجرة ، وقيل الخامسة (معجم الشعراء الجاهليين ص ٣٨ ـ ٣٩).
(٢) البيت لأمية بن أبي الصلت في ديوانه ص ٦٢ ، وإصلاح المنطق ص ١٦٦ ، والأغاني ٤ / ١٣٢ ، ـ