قالوا : مالك يتصرف في مملوكه ، وقال تعالى : (وَلَوْ شاءَ رَبُّكَ ما فَعَلُوهُ) (١).
قلنا : قولكم : مالك يتصرف في مملوكه سب لله تعالى ، حيث نسبتم إليه صفة النقص ؛ لأن من أراد من مملوكه الفساد فقد تحلى بصفة النقص عند العقلاء ، وردّ للآيات المتقدمة.
والآية [الأولى] معناها : ولو شاء لأماتهم قبل فعل المعصية ، أو سلب قواهم ، أو أنزل ملائكة تحبسهم ، لكنه خلاهم وشأنهم ، لأن أمامهم الحساب ، ومن ورائه العقاب ، قال تعالى : (إِنَّما يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصارُ) (٢).
(فصل) في بيان معاني كلمات من المتشابه
[معاني الهدى]
اعلم أن الهدى بمعنى : الدلالة ، والدعاء إلى الخير ، قال تعالى : (وَأَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْناهُمْ) فَاسْتَحَبُّوا الْعَمى عَلَى الْهُدى (٣).
وبمعنى زيادة البصيرة ، بتنوير القلب بزيادة في العقل ، قال تعالى : (وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زادَهُمْ هُدىً) (٤) ومثله قوله تعالى : (إِنْ تَتَّقُوا اللهَ يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقاناً) (٥) أي : تنويرا يفرقون به بين الحق والباطل.
وبمعنى الثواب ، قال تعالى : (يَهْدِيهِمْ رَبُّهُمْ بِإِيمانِهِمْ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمُ الْأَنْهارُ) (٦) أي : يثيبهم [في حال جري الأنهار].
__________________
(١) الأنعام : ١١٢.
(٢) إبراهيم : ٤٢.
(٣) فصلت : ١٧.
(٤) محمد : ١٧.
(٥) الأنفال : ٢٩.
(٦) يونس : ٩.