تعالى يقول : (وَلا تَقْفُ ما لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ) (١) ويقول عزوجل في مدح المؤمنين : (وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ) (٢) وكذلك القول في كثير من مسائل فن اللطيف ونحو مساحة الأرض.
فصل [في ذكر الفناء والعدم]
أئمتنا عليهمالسلام ، والجمهور : ويفني الله العالم ويعدمه.
الجاحظ ، والملاحمية ، وبعض المجبرة : محال.
قلنا : كذهاب المصباح والسحاب ، فليس بمحال ، وقوله تعالى : (هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ) (٣)
وفي النهج : « كما كان قبل ابتدائها ، كذلك يكون بعد فنائها ، بلا وقت ومكان » إلى قوله عليهالسلام : « ولا شيء إلا الله الواحد القهار » ووجه حسنه التفريق بين دار الامتحان ، ودار الجزاء.
فإن قيل : لم لم يكن الجزاء في الدنيا؟.
قلت ـ وبالله التوفيق ـ : لعلم الله تعالى أن أكثر العصاة لا يوقنون به تعالى ، فلو أنه تعالى عاقبهم من غير خلق ما يعلمون به ضرورة أن ذلك عقوبة لم يعرفوا كون ذلك عقوبة ، وإنما يعدونه من نكبات الدهر كما يزعمون. وأن أكثر الممتحنين لو جوزوا مع عدم مثل ذلك لم يعلموا ضرورة أن الواصل إليهم جزاء ، بل يحصل التجويز أنه من سائر التفضلات ، ومع عدم كشف الغطاء بخلق ذلك إثبات (٤) لحجة
__________________
(١) الإسراء : ٣٦.
(٢) المؤمنون : ٣.
(٣) الحديد : ٣.
(٤) في الشرح ، والمتن المطبوع (يخلق) على الفعل المضارع ، ولا يستقيم مع رفع إثبات إلا على تقدير بعيد ، وفي المتن القلم (إثباتا) بالنصب ، واللفظ الموجود هو الأولى ، ومعناه ظاهر.