لتمامية أركان الاستصحاب وشروطه ، لليقين بانتفاء النسبة قبل وجود الموضوع والشك في ثبوتها عند تحققه ، فيستصحب العدم المذكور ، ويترتب أثره. وهو المطابق لما هو المرتكز عرفا من أن العدم هو الأصل ، الذي يكفي في البناء عليه عدم الدليل على الثبوت.
هذا وقد منع غير واحد من ذلك. وقد استدل لهم بوجوه نقتصر منها على وجهين :
الأول : أن العدم الأزلي المتيقن مغاير للعدم المشكوك المقارن لوجود الموضوع ، لاستناد الأول لعدم الموضوع ، والثاني لأمر آخر.
وفيه : أن تعدد المنشأ والعلة لا يوجب تعدد المعلول عرفا ، ولا دقة ، بل المعيار في الوحدة استمرار الأمر الواحد وبقاؤه ، وإن استند حدوثه لعلة ، وبقاؤه لعلة أخرى.
الثاني : أن المعتبر في موارد التقييد بالعدم هو العدم النعتي المأخوذ وصفا للموضوع ، والذي هو مفاد الموجبة المعدولة المحمول ، التي لا تصدق إلا بعد وجود الموضوع ، ولا يكفي في إحرازها استصحاب مفاد السالبة بانتفاء الموضوع ، إلا بناء على الأصل المثبت. والوجه في كون المعتبر في موارد التقييد هو العدم النعتي : أن تقييد موضوع الحكم بالعرض ـ ومنه الأمر العدمي ـ لا يراد به محض تقارنهما في الزمان ، ليكفي استصحاب العرض بمفاد كان التامة إلى حين وجود الموضوع ، بل يرجع إلى تخصيص الموضوع بخصوص الحصة المتصفة بالعرض ، لاستحالة إطلاق الموضوع مع التقييد بوجود عرضه ، للتدافع بين الإطلاق والتقييد المذكورين ، فإذا كان العرض عدميا لم يكن الاتصاف به إلا بمفاد الموجبة المعدولة المحمول ، التي يكون العدم فيها نعتيا.