الانقضاء ، كما قد يتوهم ، بل لعدم إرادة خصوص الجري حال ثبوت الأحكام والعمل بمقتضاها ، بل ما يعم الجري فيما سبق ، للقرينة المذكورة المخرجة عما تقدم في الأمر الثالث من أن مقتضى القرينة العامة حمل الجري على حال النسبة والعمل على الحكم.
ومثله ما ينتزع من المبادئ المبنية على التجدد والحركة ، كالبناء والحرث والنوح والكلام ، حيث لا يتعارف التعبير عنه حال التلبس باسم الفاعل ، بل بالفعل المضارع ، فيقال : زيد يبني الآن ويحرث وينوح ويتكلم ، ولا يقال : بان وحارث ونائح ومتكلم إلا بعد الفراغ من العمل غالبا ، فإن الظاهر عدم ابتناء الجميع على عموم المشتق لحال الانقضاء ، بل على إرادة الجري في غير حال النطق .. إلى غير ذلك من القرائن الخاصة التي بملاحظتها يتضح عدم كون حال الجري هو حال النطق أو نحوه مما يقتضيه الإطلاق أو القرينة المتقدمة ، بل ما يطابق حال التلبس.
ولذا لا يظن بأحد التوقف في تبادر حال التلبس في المشتقات المذكورة وغيرها مع تعيين ما أريد بالمادة والهيئة وتعيين حال الجري بالنص ، فلو قيل :
زيد زان أو ضارب أو بان أو صائغ أو نجار يوم الجمعة ، لا يتوهم صدق القضية مع انقضاء ما أريد من المبادئ المذكورة عنه قبل الجمعة. وكذا لو قيل : يجلد غدا الزاني اليوم ، أو يقتص غدا من الضارب اليوم ، أو عامل غدا النجار اليوم ، حيث لا يتوهم شموله لمن انقضت عنه المبادئ المذكورة قبل اليوم.
ومنه يظهر الحال فيما لا بقاء له بنفسه ، بل البقاء لأثره ، كالجرح والقتل والتسخين في الماء والتنظيف للثوب وغيرها. فإنه إن أريد من المبدأ فيه المعنى الحدثي المصدري الذي لا بقاء له كان مما سبق ، وابتنى الاستعمال فيه على أن الجري ليس بلحاظ حال النطق أو حال العمل بالحكم وترتيب الأثر ، بل بلحاظ ما سبق ذلك مما يطابق حال التلبس ، ولازم ذلك