الأوّل : حكم الأحكام الوضعية
لا فرق بين الأحكام التكليفية والوضعية في أنّ مدار الحمل هو وجود التنافي بين حكمي المطلق والمقيّد ، أي التنافي الذي هو لازم وحدة الحكم ، فلو كان هذا الشرط موجوداً في الأحكام الوضعية ، يحمل الوضعي المطلق على الوضعيّ المقيّد ، كما إذا قال : « لا تصلّ في وبر ما لا يؤكل لحمه » ثمّ قال : « صلّ في جلد السنجاب ».
نعم لو انتفى التنافي يبقى الحكمان على حالهما ، كما إذا قال : لا تصلّ في أجزاء ما لا يؤكل لحمه ، ثمّ قال في دليل آخر : « لا تصلّ في وبر ما لا يؤكل لحمه » ، إذ لا مانع من أن تكون الصلاة في مطلق ما لا يؤكل لحمه فاسدة ، وفي خصوص وبره أيضاً كذلك ، وإنّما خصّ الوبر لسبب خاص.
الثاني : في حكم المستحبّات
قد اشتهر على الألسن أنّ القيود في المستحبّات ليست مقوّمة للعمل فلا يجب حمل المطلق على المقيّد ، فلو قال : زر الإمام الطاهر سيد الشهداء عليهالسلام تحت السماء ، ثمّ قال في دليل آخر : زر الإمام الطاهر سيد الشهداء عليهالسلام ، فلا يحمل المطلق على المقيّد ، بل يحمل المقيّد على كونه أفضل الأفراد.
هذا هو المشهور بين الأصحاب ، وإنّما الكلام في وجه هذا الحكم ، فقد ذكروا هنا وجوهاً ثلاثة :
١. « الغالب في باب المستحبّات هو تفاوت الأفراد بحسب مراتب المحبوبية » (١) ، فتكون تلك الغلبة قرينة على إرادة الأفضلية من القيد الوارد في
__________________
١. كفاية الأُصول : ١ / ٣٩٣.